مقالات الكُتاب

التعايش مع الأخر فى سلام

بقلم الدكتور حسام خلف الصفيحى
لقد خلق الله تعالى البشر وجعل الاختلاف بينهم فهناك اختلاف فى الشكل واللون والأفكار والاهتمامات والميول والمعتقدات ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة مصداقا لقوله تعالى:( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم) سورة:(هود:١١٨-١١٩)ولا يزال الاختلاف بين الناس فى اديانهم واعتقاداتهم ومللهم ونحلهم ومذاهبهم وأرائهم موجود الى قيام الساعة . وهذا الاختلاف بين بنى البشر هو ارادة الله تعالى فى خلقه ولحكمة أرادها وقد تكون الابتلاء والاختبار للأنسان فى قدرته على تقبل الاختلاف والتعايش مع الأخرين والذى قد ينجم عنه الكثير من السلوكيات والمشكلات وقد يكون الاختلاف بين الناس من أجل التنوع فى الحياة والتعارف والتألف ومغرفة قدرة الله تعالى فى تنوع مخلوقاته فلو كان البشر أمة واحدة لأصبحت الحياة رتيبة وفرصها متساوية. ولذلك جاء الدين الحق من الله تعالى يوجه الناس عبر الرسل الى أنه لا يجوز لأحد أن يضمر الشر والحقد للأخرين واضطهادهم لمجرد مخالفتهم له فى الدين والعقيدة والرأى لأن هذه مشئة الله الخالق الذى قال:( لا أكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)سورة البقرة :٢٥٦) ولهذا كان المسلمون أكثر الناس تسامحا مع باقى الأديان عندما فهموا هذه الأيات والتوجيهات النبوية فلا أكراه ولا اجبار. ورسول الله قدوتنا ومضرب للامثال فى التسامح الدينى والتعايش مع الأخرين وبالأخص فى معاملة المشركين وأهل الكتاب فقد روى أنه كان يحضر ولأئمهم ويعود مرضاهم كما عاد جاره اليهودى عندما مرض فأسلم وكان يستقبل ضيوفهم ويكرمهم وكان يقترض منهم ويتعامل معهم ماديا فتوفى عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودى وقد كان الله تعالى قادرا أن يحعل الدرع عند مسلم عند موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن ليعلمنا درسا فى التعايش والتسامح مع الأمم الأخرى المخالفة لعقيدتنا. كما تزوج من صفية بنت حيى بن الأخطب زعيم اليهود وابنته عدوه عندما وقعت فى اسرى المسلمين فعاملها أحسن معاملة حتى أنها رفضت العودة مع أبيها بعد أن جاء يطلبها فكان زواجه صلى الله عليه وسلم منها فتحا كبيرا حيث أسلم أغلب قومها حتى قالت السيدة عائشة رضى الله عنها:(لم أر امرأة أكثر بركة على قومها من صفية بنت حيى حيث أكرمهم الله تعالى بالأسلام بزواجها من رسول الله)فأى تسامح دينى أروع من هذا التسامح. كذلك فان خليفة المسلمين عمربن الخطاب رضى الله عنه عند فتح بيت المقدس استجاب لبطريركها(صفرونيوس) الذى اشترط قدوم أمير المؤمنين عمر لتسليم القدس كما هو مكتوب عندهم فى كتابهم بعد حصار المسلمين لها ستة أشهر.وبالفعل سافر الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه الى القدس لتسلم مفاتيح المدينة فى فتح عظيم سجله التاريخ دون اراقة قطرة دم واحدة وانما بعدل وسماحة الاسلام الذى شهد له القاصى والدانى والمؤمن والمشرك. وقد ضرب عمر بن الخطاب رضى الله عنه أعظم الأمثلة فى التسامح الدينى الذى يسطر بماء الذهب حيث اعطى أهل القدس عهدا سمى بالعهدة العمرية سمح به لنصارى القدس أن يظلوا على دينهم ويمارسوا شعائرهم ولا تهدم كنا ئسهم فهيا بنا جميعا نتعايش فى سلام وأمان وحب ومودة وتعاون حتى نسعد ونبنى أوطاننا وأمتنا والعالم كله

 

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى