جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير
وجدى وزيرى
منذ أن وطئت قدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي أعتاب البيت الأبيض للمرة الثانية،
و منذ اللحظة الآولي و فور الإنتهاء من مراسم تسلمه مقاليد السلطة كرئيس السابع و الأربعين للولايات المتحدة الأمريكية، أصدر الرئيس الأمريكي المئات من القرارات التنفيذية و هو جالس علي كرسي الرئاسة في القاعة البيضاوية بمكتبه و أمام عدسات القنوات التلفزيونية العالمية و في حضور كبري الشبكات الإعلامية لمتابعة الأحداث عن قرب ،
و بجانبه كبار رجال موظفي البيت الأبيض ، أخذ يدلي بتصريحات مدوية مشفوعة بإعتماده حزمة قرارات عنترية ، منها قرارات إقتصادية ،
و أخري قرارات سياسية.
و لعل ما يهمنا في هذا المقام هو تصريح الرئيس الأمريكي ، بمطالبته بتهجير شعب غزة الفلسطيني تهجير قصري ليكونوا في استقبالهم كل من مصر و الأردن.
و منذ إدلاء الرئيس الأمريكي هذا التصريح المندفع و المتسرع ، أصبحت الأوضاع في المنطقة العربية في توتر شديد .
و بقراءة هادئة و متأنية لتصريحات الرئيس ترامب ،بتهجير أهالي غزة الي خارج وطنهم الي مصر و الأردن أري انه تصريح (و لم يصبح قرار رسمي حتي الآن) تصريح ، يفتقد للدراسة المتأنية و الفهم العميق لأبعاد الموضوع، فمثل هذه المواقف السياسية ،التي قد تصل الي حد القرار الإنفرادي الفجائي ليس مجالها الشو الإعلامي ، بل تحتاج الي مائدة مفاوضات و تشمل مباحثات مضنية بحضور جميع الأطراف المعنية – محل الأهتمام- و الدول المجاورة و المحيطة بتفاصيل مثل هذه القرارات المصيرية ، التي يتوقف عليها مشروعية كيان و حياة دول و مصائرها كمصر و الأردن و فلسطين و المملكة العربية السعودية و قطر ، و هذه القرارات المصيرية التي تخص الشعب الفلسطيني ، تأتي من خلال مباحثات و مفاوضات ومشاورات و مناقشات ، تكون مع وزراء خارجية لتلك الدول أو من يمثلها من الرؤساء المندوبين علي مستوي جامعة الدول العربية علي جانب كبير من الخبرة و الحنكة السياسية في هذا المجال. و قد ترتقي الي قادة تلك الدول العربية في شكل مؤتمر قمة عربية تعقد خصيصا لتقرير ما يتعلق بقرارات علي جانب كبير من الخطورة و الأهمية ، و ذلك لتقرير مصير شعب أعزل يواجه الموت و الخراب و الدمار وأنهكته الحرب التي أستمرت 15 شهر تخطي قتلاه 47498 شهيد ، و ضحاياه عدد 111592 مصابا منذ السابع من أكتوبر 2023 حتي الآن.
و في ختام هذه الاجتماعات و المشاورات و المفاوضات تصدر قرارات هامة موحدة من رؤساء الدول العربية في القمة المنعقدة لتقرير مصير الشعب الفلسطيني و هو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
هذا هو الخيار الوحيد لإيجاد حلول و طرح حلول بديلة تكون مطروحة علي مائدة مفاوضات تجمع بين دول عربية يجمعهم هدف جماعي مشترك موحد و هو إقامة دولة ذات سيادة للشعب الفلسطيني عاصمتها القدس الشرقية أحتراما للشرعية الدولية يحكمها العدالة و المساواة ، و ليس الإنفراد بتصريحات أو قرارات فردية لا تخدم الإ طرف واحد فقط و تفتقر للعدالة و المساواة و تنعدم فيها الحقوق الشرعية لدولة و لشعب مقهور هو الشعب الفلسطيني.
ثم نأتي الي التصريحات التي أدلي بها الرئيس الأمريكي ترامب التي أثارت حفيظة الدول العربية و ادت الي خلاف جوهري الأ و هو مسألة تهجير شعب قطاع غزة الفلسطيني، محاولا بذلك تصدير المشكلة برمتها الي خارج حدود غزة ، ليحلها كل من مصر و الأردن ، لإيجاد وطن بديل للشعب الفلسطيني.
# و نجد اليوم رئيس وزراء دولة الإحتلال في زيارة رسمية هي الآولي لأول مسئول سياسي يزور الولايات المتحدة الأمريكية لمقابلة الرئيس الأمريكي ترامب.
# و سنحاول أن نلقي نظرة علي الملفات التي سيتم عرضها في الإجتماع بين الحليف ترامب و رئيس وزراء دولة الإحتلال لنقرأ بين الستور و ما يدور خلف الأبواب المغلقة :
أولا ملف غزة :
و نجد أن كلا من الرئيس الأمريكي ترامب و رئيس وزراء دولة الإحتلال حريصين كل الحرص علي إتمام وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة حماس و دولة الإحتلال و الإنتهاء من تسليم الأسري المحتجزين لدي حماس و الإفراج عن الفلسطينيين المسجونين في سجون إسرائيل، وفقا للخطة المجدولة زمنيا ، فلولا تدخل الرئيس ترامب في الوقت المناسب قبل تسلمه السلطة لما تم تنفيذ هذه الصفقة ، لأن عدم تنفيذ هذه الصفقة أو تعطيلها أو وقفها في مراحلها المحددة و تحديدا المرحلة الثانية منها فمعني ذلك أنه سيتم إستئناف الحرب مرة أخري و عدم التسليم المتبادل بين حركة حماس و إسرائيل للأسري المحتجزين ، فكلا الطرفين سيتم الإتفاق بينهما علي مبدأ إبقاء الوضع علي ما هو عليه في غزة ، دون إعادة الأعمار لها ، و ربما لن يكون لغزة وجود علي الخريطة الجغرافية لا سكانيا و لا إداريا و سيتم الهيمنة و السيطرة عليها من قبل دولة الإحتلال لتكون منزوعة السلاح نهائيا أو أي تواجد عسكري بأي صفة في غزة.
# ثانيا :
سيتم الإتفاق بين الطرفين في البيت الأبيض علي أن يقدم الرئيس الأمريكي، ضمانات مؤكدة علي تهجير أهالي و سكان غزة من أراضيهم الي كل من مصر و الأردن و هو ما ترفضه كلا الدولتين.
# لقد تخطي الرئيس ترامب أمرا هاما لا ينبغي إغفاله علي الإطلاق و هو أن أهل و الشعب الفلسطيني بغزة ، يرفض ترك وطنه و آراضيه تحت أي مسمي لأنها بالنسبة له مسألة وجود و حياة أو موت فهو وطنه الذي ولد و عاشوا فيه ، و انهم مستعدين الإقامة او السكن في بيوتهم في غزة و لو كانت أنقاض ،
فالشعب الفلسطيني في غزة قد أستوعبوا الدرس جيدا و تذكروا أحداث نكسة 1948. و أنهم لو تركوا آراضيهم و تم تهجيرهم خارج حدود وطنهم فلن يعودوا إليها مرة أخري .
# فهي خطة شيطانية أعدها و خطط لها و يشرف علي تنفيذها دولة الاحتلال بدعم إمريكي بامتياز، فتبدأ الخطة بتدمير غزة بالكامل بحيث لا تصلح بأي حال للإقامة أو السكن أو مجرد الإيواء فيها ليحرموا من الإقامة و العيش فيها و هي منازل سويت بالأرض بلا مرافق و لا يجدوا أنفسهم الإ في العراء ، لنبدأ استكمال المخطط بتهجير أهالي
و سكان غزة.
و لم يقف الوضع عند هذا الحد ، فقد إنتظرت حتي الساعات الأولي من صباح اليوم الأربعاء لحين الوقوف لآخر المستجدات في ختام زيارة رئيس وزراء دولة الإحتلال مع الرئيس ترامب و ما أسفر عنه الاجتماع بينهما و ما يخص غزة فقد رأيت أن الأمور لا تبشر بالخير و من سئ الي أسوأ و قد أعطى الرئيس الأمريكي الضوء الأخضر لدولة الصهاينة بالتوسع الجغرافي لدولة إسرائيل بإعادة ترسيم و تخطيط الخريطة لحدود ما قبل ال 5 من يونيو لتشمل دولة إسرائيل الكبري و إستقطاع أجزاء من الضفة الغربية و قد أخد الموافقة و الدعم المطلق من الرئيس الأمريكي ترامب تحت ذريعة ضيق مساحة دولة الاحتلال.
و ليذهب إقتراح العالم بالإجماع بحل القضية الفلسطينية علي اساس حل الدولتين الي الجحيم .
ثالثا ملف إيران :
تم الإتفاق بين الرئيس ترامب و رئيس وزراء دولة الإحتلال علي وضع نهاية لخطة طهران النووية فبعد التخلص من حركة حماس و زعمائهم في غزة و القضاء علي حزب الله و زعمائهم في جنوب لبنان لم يتبق الإ الخطر الأعظم و هو إيران و يتعين عليهما أن يضعوا حدا لبرنامج إيران النووي و قد وافق الرئيس ترامب علي ما يبدو و هذا تصوري ل ن ت ن ي ا ه و
بتدمير برنامج إيران النووي بتوجيه ضربة جوية مركزة علي المنشآت النووية و عددها 5 مواقع لمنع إيران من إستخدام السلاح النووي لتهديد دولة الإحتلال.
رابعا : طلب رئيس وزراء دولة الإحتلال في إجتماعه مع الرئيس ترامب سرعة التطبيع مع المملكة العربية السعودية فيما ما يسمي بإتفاق الإبراهيمي في أقرب وقت ممكن و قد تعهد الرئيس الأمريكي ترامب بذلك و المقابل هو الإعتراف الرسمي بدولة فلسطين و إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط و لكن أين العاصمة الفلسطينية المزعومة و تحت أي مسمي و أين هي علي الخريطة و أين الدعم الدولي و الإعتراف الرسمي بهذه الدولة.
لا يوجد و لا شرعية و لا إقليم و لا إتفاق سلام معترف به ولا معاهدة سلام ..
و في هذا التوقيت و علي الفور صرحت المملكة العربية السعودية علي لسان وزير خارجيتها ، بحرص المملكة حكومة و شعبا بزعامة الملك و وولي العهد محمد بن سالمان بأنه لا تفكير في التطبيع مع دولة إسرائيل بدون عقد سلام نهائي و شامل مع الدولة الفلسطينية و عاصمتها القدس الشرقية و الإعتراف بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني في وطن و دولة ذات سيادة طبقا للقانون الدولي و القرارات الشرعية للأمم المتحدة .
و بذلك لا تطبيع و لا سلام مع دولة إسرائيل مهما كان الضغط عليها من جانب الولايات المتحدة و تحت أي إجراءات سواء كانت إقتصادية أو سياسية أو حتي عسكرية.
و يتعين علي الدول العربية أجمع الوقوف يدا واحدة و إرادة واحدة و قوة واحدة و قرار واحد ضد التحديات التي تحيط بنا فالجميع تشمله هذه التهديدات و علينا أن نكون في خندق واحد في مواجهة ما اطلق عليه مسمي :
” وعد بلور الجديد .”
# اما موقف الشعب المصري بأسره فهو يعلن بأنه علي يقين وقوفه مع القيادة السياسية الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وقفة داعمة و مؤيدة له ، إيمانا لا يتزعزع و بكل قوة بعدم إقحام مصر قيادة و جيشا لمخططات صهيونية بدعم و تأييد اعمي من الولايات المتحدة الأمريكية و عدم الدخول في حالة عدم إستقرار و دوامة الإرهاب دوامة لا تنتهي .
و الشعب المصري يعلم علم اليقين أن أرض سيناء الحبيبة أرض مصرية أرتوت ترابها بدماء جنودها المصريين الابطال في الخامس من يونيه 1967 و حرب الإستئناف و حرب السادس من أكتوبر 1973، الذين ضحوا بأرواحهم و دمائهم لتحريرها، و لا يمكن التنازل عن شبر من أراضيها و لو بملء الأرض ذهبا ،و ستظل مصر قادرة علي حماية آراضيها و حدودها الشرقية و امنها القومي من أي عدو يتربص بها حتي و لو كلفنا هذا التضحية بكل غال و نفيس فدا تراب مصر .
و أخيرا كلنا ثقة في شعبنا المصري و إلتفافه حول قيادته السياسية و جيشه الوطني القوي لتكون مصر سدا منيعا ضد مخطط التهجير ، حفاظا علي حقوق أشقائنا الفلسطينين و حفاظا علي حق تقرير مصيرهم الشرعي بالإحتفاظ بوطن لهم معترف به دوليا .
حفظ الله مصر وطنا و رئيسا و شعبا و جيشا وأرضها و سماها من كل مكروه و سوء.