طارق فوزي. يكتب وجهة نظر التدمير الذاتي لأوروبا

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى 

رسالة شديدة اللهجة
و جرس أنزار أرسلها الناخبون في الإنتخابات البرلمانية التي أجريت في أوروبا في الأيام القليلة الماضية لإنتخابات أعضاء جدد في برلمان الأتحاد الأوروبي و قد أسفرت عن نتائج غير متوقعة و مخيبة للآمال و لا ترضي طموحات أكثر المحللين تفاؤلا مما ستشكل تغيير جذري في المسار السياسي لرؤساء و حكومات بعض الدول الأوروبية في الأتحاد و جاءت نتائج الإنتخابات علي مفاجأت من العيار الثقيل و هي صعود تيار أقصي اليمين الذي يعرف بالمتطرف و المتشدد و دخوله من الباب الواسع حيث فاز بنسبة تتراوح ما بين 32% الي 37% من عدد الأعضاء في برلمان الأتحاد الأوروبي.
و قبل الدخول في صلب الموضوع لمعرفة ما هو اليمين المتطرف في أوروبا و ما هو اسباب صعوده و بقوة في البرلمان الأوروبي و ما تأثير ذلك علي الانظمة الحاكمة في دول أوروبا و حكوماتها في صنع إتخاذ القرار في الأوضاع السياسية الراهنة ، و يجب الأ نعتقد خطأ أن هذه الإنتخابات البرلمانية الأوروبية و نتائجها و صعود اليمين المتطرف لن تؤثر علي مصالحنا السياسية و الإقتصادية في مصر ، بل ستؤثر نسبيا علي المدي الطويل.
في الواقع البرلمانات الأوروبية يحكمها ثلاثة إتجهات سياسية و هم أقصي اليمين و أقصي اليسار و التيار الوسط.
و أغلب البرلمانات الأوروبية يسودها من حيث تشكيل اعضائها هو التيار اليساري ،
و هذا التيار يكون دائما متعاطف مع الديمقراطية و الإنحياز للحريات و يؤيد دول أوروبا في حرب أوكرانيا ضد روسيا ، كما يتجه هذا التيار الي تأييد نظام التحالفات في السياسة الخارجية، و ذلك بتدخله في السياسة الخارجية لدول اخري مناهضة للانظمة الحاكمة ضد مصالحها .
أما التيار اليمين المتطرف هو تيار يعرف بالتشدد و ينحاز دائما الي نظرية القوميات و النزعة العنصرية للشعب الأوروبي و شعار هذا التيار هو أنه يتعين علي كل دول أوروبا أن تبحث عن هويتها و مصالحها الذاتية و يري أن العنصر العرقي هو الذي يتعين أن يسود في العالم و يجب أن يكون تبعا لذلك هو الأقوي في العالم و من أشهر هذا التيار هو الحزب النازي في ألمانيا الذي ذاع صيته في عصر هتلر في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي .
فاليمين المتطرف هو تيار شديد العنصرية و يتعين علي أنظمة الحكم السياسية وفقا لوجهة نظر هذا التيار الأ تنظر الإ لشعوبها فقط سياسيا و اقتصاديا ، و أن تتفرغ تماما و تركز علي متطلبات و مصالح شعوبها دون غيرهم ،
و علي دول أوروبا أن تغلق علي نفسها و تهتم بالشأن الداخلي لأنظمة دولها و لا تلتفت الي أنظمة غيرها من الدول.
و لذلك نجد أن من أهم سياسات هذا اليمين المتطرف هو عدم إقحام دول أوروبا بإيواء اللاجئين القادمين من دول أخري أفريقية أو عربية أو حتي القادمين من أوكرانيا في حربها ضد روسيا و هذه الأخيرة تسببت في حدوث أزمات أقتصادية في دول أوروبية كثيرة مثل ألمانيا و أصبحوا عبئا إقتصاديا و ماليا كما أصبح اللاجئين الأوكرانيين ينافسون الألمان في سوق العمل و يشاركوهم في أعباء المعيشة و إرتفاع الأسعار و البطالة كل هذه الأسباب أدت الي مظاهرات كثيرة و علت أصوات للمطالبة بعدم السماح للاجئين الأجانب و خاصة الأوكرانيين بدخول دول أوروبا و هو ما دعي الي ذلك اليمين المتطرف .
و الدول الأوروبية التي تصعد فيها التيار اليمين المتطرف هى ألمانيا و هولندا و المجر و إيطاليا وتحديدا فرنسا الذي صرح ماكرون أمام شعبه و هو متأثرا بنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة
في بلاده بالقول بأنه لا يمكن تجاهل نتائج الانتخابات البرلمانية و صعود أقصي اليمين في فرنسا و هو ما يشكل خطرا كبيرا علي أوروبا ، و أعلن حل البرلمان في فرنسا و إجراء إنتخابات برلمانية مبكرة في 30 من شهر يوليو القادم.
و لا تختلف الولايات المتحدة الأمريكية كثيرا عن نظام أوروبا في هذه العقيدة المتمثلة في ظهور اليمين المتطرف فنجد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق دونالد ترامب هو من المؤيدين لفكر اليمين المتطرف للحزب الجمهوري المرشح للانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر القادم و هو ينادي دائما بضرورة الحفاظ علي الهوية الأمريكية و غلق الحدود مع المكسيك و التي تمثل خطورة قدوم اللاجئين من الحدود الجنوبية المشتركة بين الولايات المتحدة الأمريكية و المكسيك.
و شعبية اليمين المتطرف بدأت في الزيادة المطردة منذ حرب روسيا و أوكرانيا و بدأ اللاجئين الأكراد يغزوا دول أوروبا،
و بدأت أنظمة دول أوروبا تستشعر الخطر و خاصة دول ألمانيا و فرنسا و إيطاليا و هولندا و المجر و بدأت تلك الدول تفرض قيود علي الهجرة و تغلق حدودها في عام 2024 .
و ما زاد من هذه الشعبية للتيار اليمين هو إعتقاد هذا التيار أن أنظمة دول أوروبا أنشغلت تماما بمعاناة هؤلاء اللاجئين من دولة أوكرانيا بعد حرب روسيا و دعمهم إقتصاديا و ماليا علي حساب مواطني دول أوروبا، كما بدأت تبحث لهم عن حلول لمصادر رزق لهم و إقامة معيشية لتحسين أوضاعهم الإقتصادية و المالية و أيوائهم علي أراضيها ما أثار حفيظة شعوب دول أوروبا التي ضاقت ذرعا بإهتمام أنظمة دولهم بهؤلاء اللاجئين مما انعكس علي أعداد البطالة و التضخم و إرتفاع الأسعار، كما خلق شعور بالعدائية و الإنحيازية من قبل حكومات دولهم الأوروبية بهؤلاء اللاجئين و ساعد ذلك علي تزايد شعبية هذا اليمين و أصبح أكثر تطرفا و أخذوا يضغطون علي حكوماتهم بعدم إطالة أمد الحرب الأوكرانية الروسيا .
و قد أجابت صحيفة الفايننشيال تايمز علي سبب تزايد تيار اليمين المتطرف في أوروبا هو يرجع الي الجيل الجديد و الشباب القادم خاصة في ألمانيا و فرنسا الذين بدأوا يلاحظون و يرصدون بعمق الي تلاحق الأحداث السياسية الجارية في بلادهم و ما صاحب ذلك من أزمات إقتصادية مما جعل هؤلاء الشباب و الجيل الجديد يشعر بإحباط و نظرة تشاؤم مع نظرة مستقبلية مجهولة و ضبابية لبلادهم.
أيها الأوربيون أحذروا من صعود تيار أقصي اليمين الي الأنظمة الحاكمة في بلادكم
و هم أكثر تشددا و تطرفا ، و علي الظالم تدور الدوائر و الذكي يفهم.

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock