طارق فوزي يكتب وجهة نظر ” أزمة ثقة “

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى

كلما شعرنا بقرب وصول المفاوضات التي تجري بشأن الإتفاق النهائي لوقف إطلاق النار ، و إنتهاء الحرب في غزة ، بين إسرائيل و حماس ، و صفقة التبادل بينهما ، نجد أننا سرعان ما نصل و بسرعة غير متوقعة الي العودة الي المربع الأول و النقطة صفر .
و بمتابعتي للأحداث و المفاوضات الجارية بين إسرائيل و حماس من خلال الوسطاء و هم الولايات المتحدة الأمريكية و مصر و قطر ، يجب أن نعترف بصعوبة هذه المفاوضات و أنها تمر بلحظات قمة في التوتر و الإرتباك بين شد و جذب ، و يحاول كل طرف – و هو ما جرت عليه المفاوضات دائما- وضع قائمة من الشروط ، و يخضع كل طرف بما يملكه من عوامل ضاغطة ، مستغلا الظروف و الأوضاع الداخلية لكل منهما ، و محاولا كسب أقصي أوراق تفاوضية متاحة تكون علي مائدة المفاوضات، علي حساب الطرف الآخر دون أى تنازل من كلا الطرفين أو تقديم اي مرونة في العملية التفاوضية بينهما .
و أخيرا رأينا عرض الرئيس الأمريكي بايدن صفقة أطلق عليها أسمه ، و كانت تتكون من ثلاثة مراحل، سبق و أن عرضناها من خلال مقالتي السابقة تحت عنوان ” السيناريوهات المتوقعة في حرب غزة” ، و قد أعلنت تفاصيل الصفقة و هي تشمل المرحلة الأولي و مدتها 6 أسابيع و تشمل وقف إطلاق النار و إنسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان قي غزة و إطلاق سراح الرهائن الأمريكين المحتجزين لدي حماس في هذه المرحلة و أيضا إعادة رفات الرهائن الذين قتلوا الي عائلاتهم.
و المرحلة الثانية و مدتها 6 أسابيع و تتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين الأحياء لدي حماس ، بما في ذلك الجنود العسكريين.
و المرحلة الثالثة إطلاق عملية إعادة إعمار واسعة لقطاع غزة بمشاركة أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة، و التي أشترطت حماس أن تكون مدتها ما بين 3 الي 5 سنوات .
و بين عرض هذا المقترح الأمريكي، و قيام حماس ببحثه لوضع تعديلات عليه أستمر ذلك عدة أسابيع تخللها قصف عشوائي لرفح الفلسطينية راح ضحيتها العشرات من الضحايا الشهداء و المصابين، و إنتهاءا بعملية إسرائيلية للإفراج عن عدد أربعة رهائن إسرائيلية في مخيم النصيرات في مذبحة راح ضحيتها 220 شهيد مدني فلسطيني و 400 مصاب .
وبعد أن قام وزير الخارجية الأمريكي بلينكن و المستشار الأمن القومي الأمريكي وليم بيرنز بزيارة مكوكية للمنطقة بلغ عددها 8 مرات ، و ذلك للتشاور و الاتفاق علي الصيغة النهائية نحو تنفيذ صفقة بايدن.
و أري من وجهة نظري كمتابع للأحداث أننا أمام فجوة عميقة و هوة سحيقة بين ما تم الوصول إليه بين الأطراف إسرائيل و حماس و بين ما يجب الإنتهاء منه بصيغة ترضي جميع الأطراف- محل الإتفاق- و أنهم أي جميع الأطراف عليهم الالتزام بإعادة حسابات و مراجعة النقاط الخلافية الجوهرية التي تراعي عند صياغة الإتفاق نهائيا قبل إعتماده و الموافقة عليه ، بما يحتويه علي آليات التنفيذ و التوقيتات الزمنية بكل دقة.
و أهم ما يلاحظ من رؤيتي كمتابع للأحداث، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الأمريكي بلينكن الأخير ، بالأمس، معلنا أن التعديلات التي أجرتها حماس علي الاقتراح المعروض من بايدن لوقف إطلاق النار” غير قابل للتنفيذ ”
و بذلك تكون المفاوضات الجارية بين الأطراف إسرائيل و حماس تحت إشراف و رعاية الولايات المتحدة الأمريكية و مصر و قطر قد وصلت الي طريق مسدود ، معلنا فشل وقف إطلاق النار و صفقة التبادل.
و أعتقد من وجهة نظري أن ما وصلت إليه هذه المباحثات الطويلة و التي استغرقت مدة طويلة جاءت نتيجة وجود ” أزمة ثقة ” عميقة بين إسرائيل و حماس تصل الي حد عدم التفاؤل المشوب بالقلق و الحذر .
فحماس ليس لديها اي ثقة أو إطمئنان لإسرائيل و فقدت مصداقيتها تجاهها و لا تأمن جانبها علي الإطلاق قي الوفاء بأي إلتزامات أو تعهدات تجاة تنفيذ بنود الإتفاق النهائي بينهما.
و أخشي ما تخشاه حماس إخلال إسرائيل بأي بند من بنود الإتفاق أو عدم تنفيذ الشروط المفروضة في الإتفاق أو عدم مراعاة الجدول الزمني أو التوقيتات في وضع هذه الشروط موضع التنفيذ.
لذلك نري أن من أهم التعديلات التي أضافتها حماس علي بنود صفقة بايدن هو أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية ضامنة علي تنفيذ إسرائيل جميع بنود الاتفاق، بل أشترطت حماس أن يكون هذا الضمان الأمريكي مكتوبا في صلب وثيقة الإتفاق،
و أن يتم الاتفاق علي وقف دائم و نهائي لإطلاق النار ، و ليس هدنة أو وقف مؤقت لإطلاق النار بين إسرائيل و حماس، كما أشترطت حماس أن يكون الإنسحاب الإسرائيلي من غزة إنسحاب شامل من كامل قطاع غزة ، كما أرادت حماس عدم تواجد قوات إسرائيلية في محور فيلادلفيا و هي الحدود الفاصلة بين غزة و مصر .
كما أن ما يزيد من حدة أزمة الثقة بين حماس و إسرائيل هو إتهام حماس لوزير الخارجية الأمريكي بلينكن بعدم الحيادية و الشفافية في العملية التفاوضية و الوقوف الي جانب إسرائيل متعمدا و يريد الإلتفاف بشروط و طلبات حماس لصالح إسرائيل الي درجة أنها أي حماس وصفت بلينكن وزير الخارجية الأمريكي بأنه أصبح جزء من المشكلة و ليس جزء من الحل .
الإ أن بلينكن بالأمس أصر بأنه سيبذل قصاري جهده لإيجاد صيغة نهائية للإتفاق ، خاصة بعد أن رأي بلينكن في تصريحاته الأخيرة أنه يمكن إدخال تعديلات وصفها بأنها ” تعديلات بسيطة ” علي صيغة الإتفاق النهائي لتصبح صيغة توافقية يقبلها كلا الطرفين إسرائيل
و حماس.
و السؤال الآن هل ستصل هذه المفاوضات الماراثونية الي خط النهاية و نري إمتثال إسرائيل و تنفيذ كل الإلتزامات في بنود الإتفاق بضمانات أمريكية مكتوبة و دون أي عقبات أو خرقات لأي إلتزامات من جانب إسرائيل، هذا ما سيراقبه العالم بإهتمام بالغ في الأيام القليلة القادمة.

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock