جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى
بقلم : دكتورة سيلفا بلوط
أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية
وأخصائية نفسانية عيادية
أهمية المرونة النفسية: قراءة موجزة
يمتلك الفرد عالمه النفسي الخاص به، بحيث يمده بهوية تمنحه فرادة معينة. بتعبير أدق، تشكل هذه الأخيرة “بصمته” النفسية ، تجعله متميزاً افتتح عن غيره.
و تأتي المرونة النفسية لتشكّل مفصلاً رئيسياً و مصيرياً في حياة الفرد النفسية باعتبارها تؤسس لقدرة الفرد على مواجهة الصعوبات التي تنسحب ليس فقط على الجانب النفسي من حياته، وإنما على الجوانب كافة، الاجتماعي والاقتصادي والمهني… إذاً يمكن القول أنها تكسب الفرد القدرة على البقاء في الجانب “الآمن” من حياته.
ومن هذا المنطلق كان لا بدّ من مقاربة موجزة للمرونة النفسية ليصار إلى فهمها بشكل أعمق في سبيل إدراك أهميتها على المستوى النفسي من حياة الفرد، و أيضاً المستويات الأخرى.
تعدّ المرونة النفسية ضرورةً باعتبارها حاجة ماسّة في حياة الفرد، و لا تقل أهمية عن الحاجات الأساسية كالأكل والشرب….
وعلى هذا النحو، يتبدّى التعرّض لكيفية تعزيزها مهماً لأنه يسهم أكثر في تجهيز الفرد، و تمكينه بهدف المحافظة عليها أو بلوغها .
إذاً ، تتجلى ماهيّة المرونة في كونها قدرة الفرد على مواجهة الصعوبات، و الصمود أمامها و تخطيها من ثم.
بمعنى آخر، تعدّ المرونة النفسية نواة الرفاهية والاستقرار النفسيّين في حياة الفرد عموماً ، و سيما في ظلّ الصدمات والضغوطات النفسية النفسية التي يختبرها. باختصار، هي تشمل كلّ ما يمكن أن يقوّي قدرة الفرد على مواجهة صعوبات مُعاشه وتجاوزها.
وتفرض أهمية موضوعنا هنا الحاجة إلى عرض سريع يتناول الخطوات المفصلية التي تشكل أساساً في عملية اكتسابها أو تعزيزها .
يظهر أولاً تعزيز الوعي الانفعالي عند الفرد خطوة أساسية باعتباره يمكّن الفرد من التعرّف على انفعالاته ، و إدارتها، و تنظيمها بطريقة سليمة. مما يساعده على تحمّل الضغط النفسي وتبعاته.
ويأتي تدريب الفرد على التفكير الإيجابي ليكسبه رؤية تفاؤلية لكل ما يختبره في حياته، فيدفعه إلى تبنّي موقف إيجابي تجاهه. بتعبير أدق، يعدّ التفتيش عن كلّ ما هو إيجابي في ظل الصعوبات نواة لهذا التفكيرالذي لا يعني انكاراً لهذه الصعوبات، و إنما التمكين من إيجاد الحلول لما يمكن أن يشكّل عائقاً أمام “سير” الحياة الطبيعية . وهذا ما يعزز اتخاذ المواقف العقلانية من كل ما يحصل.
أما بالنسبة إلى الدعم الاجتماعي، فهو يشكّل حاجة و ضرورة أيضاً باعتباره محدداً للمرونة النفسية . إذ يكسب الفرد القدرة على إقامة العلاقات الايجابية التي تعدّ “منفعة” بحدّ ذاتها لأنها تؤسس للمشاركة في توزيع العبء الانفعالي…هذا عدا عن تطوير الكفاءات العلائقية السوية .
و يظهر إعداد الفرد للقابلية إلى التكيف مع أي حدث يمكنه أن يشكل عائقاً في مسار حياته خطوة بالغة الأهمية لأنه يسهم في تمكينه على تخطيه، مهما يجري من تحولات تحمل معها المصاعب.
تكتسب المرونة النفسية أهمية حاسمة في حياة الفرد على المستويات كافة . بمعنى آخر، عندما يتمتع الفرد بها ، فإنه سيتجاوز الازمات التي تصادفه، والعكس صحيح. و إذا ما تناولنا علاقة الصدمة بالمرونة نفسها، فإن الأولى يمكن أن تشكل بذاتها حافزاً لتصليب الأخرى ، لأنها تعتبر “مناعة” لحياة الفرد النفسية. يقوي تخطي الصدمة المرونة و يمدّ البنية النفسية بالمناعة.
لا تنكر المرونة وجود الصدمة كما لا تقلّل من وجودها، لكنها توظّفها لصالح البنية النفسية للفرد. ولا يمكن إغفال مسألة أساسية، وتتمثل في أن طلب المساعدة العلاجية نفسها هو ضروري في حالات كدرة يصعب تحملها. وهنا، تظهر النصيحة إلى طلب الدعم النفسي من الاختصاصيين مهمة و مصيرية.
تعدّ السلامة النفسية أساس سلامة الفرد، وبالتالي يجب المحافظة عليها.