طارق فوزي يكتب وجهة نظر حديث الجمعة العلم الإلهي

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس مجلس الإدارة والتحرير وجدى وزيرى 

أثناء قراءتي للقرآن الكريم، و تحديداً الآيات من سورة النمل من الآية 38 الي الآية 40 شد إنتباهي معجزات الله سبحانه و تعالى في قدرة الجن علي التحرك بسرعة كبيرة عندما أمره نبي الله سليمان عليه السلام ، بنقل عرش ملكة سبأ ” بلقيس” الإ أنه تمكن الذي عنده علم من الكتاب من نقل عرشها في لمح البصر ، و قد حدث ذلك أثناء
المناظرة التي أقامها نبي الله سليمان بين عفريت من الجن ،و الأنس، و من الذي عنده علم من الكتاب،
و تأملت و كأني أمام أستعراض و منافسة بل سباق بين القوة و السرعة.
فما هو علم الكتاب الذي أشارت إليه نص الآية 40 من سورة النمل ؟ و هل هو علم ديني ام علم دنيوي ؟ و من هو الذي عنده علم من الكتاب الذي حقق المعجزة تحدياً الزمان و المكان و القوة و السرعة حتي تمكن بقدراته الخارقة في نقل عرش الملكة بلقيس من سبا باليمن الي مدينة القدس ؟
حيث ورد نص الآية 39 من سورة النمل قال الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عفريت من الجن انا أتيك به قبل أن تقوم من مقامك و إني عليه لقوي آمين .
و قال الله تعالي في نص الآية 40 من سورة النمل
بسم الله الرحمن الرحيم
” قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رأه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي و ليبلوني أشكر أم أكفر و من شكر فإنما يشكر لنفسه من كفر فإن ربي غني كريم ” .

و علم الكتاب هو علم إلهي، و قد أطلق عليه العلماء في الفقه الإسلامي و اتفقوا علي تسميته” علم لدني”
فهو علم قد خصه الله تعالى و أستأثره لنفسه وحده سبحانه وتعالى لتحقيق معجزات خارقة ،
و آيات من الله تعالي ليتحدي بها قوانين الكون، و قواعده و التحكم في الزمان و المكان فهو خالق كل شئ و من تدبيره و هي معجزات يقف الإنسان عاجزاً علي تفسيرها من حيث كيفية حدوثها.
وهذا العلم من الأمور الغيبية التي خص بها الله سبحانه و تعالي و هو ولي ذلك و القادر عليه و هو علي كل شيء قدير كما بين ذلك في قوله تعالي في كتابه الكريم:
بسم الله الرحمن الرحيم
” و عنده مفاتيح الغيب لا يعلمها الإ هو و يعلم ما في البر و البحر و ما تسقط من ورقة الإ يعلمها و لا حبة في ظلمات الأرض و لا رطب و لا يابس الإ في كتاب مبين ” سورة الأنعام آية 59 ،
أذن علم لدني من الله تعالي و هو علم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه و تعالى سورة النمل الآيه 65 و الآية رقم 22 من سورة الحشر .
و قد ورد لفظ ” الغيب” في القرآن الكريم في 40 موضع في عدد 31 سورة قرآنية.
أذن علم الغيب قد خصه الله تعالي لنفسه و لم يطلعه علي أحد من الأنبياء و الرسل الإ لمن حدده الله تعالي و بمشيته و إطلاقات إرادته و قدراته الإلهية تبارك و تعالى مصداقا لقوله : و ما كان الله ليطلعكم علي الغيب و لكن الله يجتبي من رسله من يشاء ” الآيه رقم 179 من سورة آل عمران .
و قوله تعالى :
” لقد أتينا داود و سليمان علما و قالا الحمد لله الذي فضلنا علي كثير من عباده المؤمنين ” سورة النمل آية 15.
نأتي بعد ذلك الي الإجابة علي السؤال من هو ” الذي عنده علم من الكتاب الوارد ذكره في قوله سبحانه وتعالى:
قال الذي عنده علم من الكتاب انا أتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ” آيه 40 من سورة النمل.
فقد أختلف عليه آراء المفسرين في تحديده
فقال بعضهم إن الذي عنده علم من الكتاب هو :
” آصف بن براخيا” و هو من بني إسرائيل و كان صديقاً لنبي الله سليمان عليه السلام و يقال أنه كان وزيره .
و يري هؤلاء المفسرين أن علم الكتاب الذي عنده هو ” اسم الله الأعظم” الذي إذا سأل به أطاع و إذا دعي به أستجاب و إذا إعتبرنا أن
علم الكتاب الذي لدي ” آصف براخيا ” هو الدعاء بأسم الله الأعظم و الذي أستطاع بدعائه تحقيق هذه المعجزة الإلهية في نقل عرش ملكة سبأ “بلقيس” فلا مانع من أن يطلع الله تعالى بعض عباده الصالحين علي تحديد أسمه الأعظم و علي صفات بعض أسمائه الحسني ،
و خاصة أنهم قالوا أن ” آصف براخيا ” لم يكن نبيا و أيضا لم يكن من الجن ، و إنما أغلب أهل الصفوة من العلماء أعتبره أنه إنسيا و أضافوا أن العلم الذي عنده لم يكن ماديا حتي يتوصل إليه بالبحث و التجربة ،
و إنما كان من الكتاب و الصحيح من أقوال المفسرين و دليلهم علي ذلك كما جاء في سياق الحديث قول الله في سورة الكهف في قصة سيدنا موسى و سيدنا الخضر عليهما السلام في قوله تعالى:
علمه من لدنه علما.
و قال تعالي: ” فوجدا عبد”ا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا و علمناه من لدنا علما سورة الكهف آيه 65.
غير أن هذا الرأي مردود عليه لأن الدعاء بأسم الله الأعظم من الأمور الغيبية ايضاً و التي أخفي الله سرها عن المؤمنين و لم يخبر بها أحدا لا تصريحا و لا تلميحا فكيف يطلع الله تعالي بأسمه الأعظم لمن عنده علم من الكتاب و هو كما إنتهي رأي المفسرين ” آصف بن براخيا” و قد أخفي الله اسمه الأعظم عند الدعاء به لحكمه أرادها
الله .
و يمكن الرد علي هذا الرأي ايضاً أن الفقهاء الإسلاميين إختلفوا فيما بينهم في تحديد هذا الأسم الأعظم لله تعالى سبحانه و تعالي فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها إن أسم الله الأعظم هو ” يا حي يا قيوم” و قيل يا إلهنا و إله كل شيء يا ذا الجلال والإكرام.
إذن نخلص من ذلك أن ما يراه بعض المفسرين أن من عنده علم من الكتاب و هو بناء علي رأيهم ” آصف بن براخيا” بدعائه بأسم الله الأعظم رأي غير صحيح.
و يري بعض المفسرين أن المقصود من غيره علم من الكتاب كما ورد ذكره في سورة النمل الآية رقم 40
هي الملائكة، و عن المؤمنين لهذا الرأي هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالي عليه، و أن الملائكة أتت بعرش بلقيس ملكة سبأ أسرع مما كان ياتي به عفريت من الجن .
و ذهب بعض المفسرين أن الذي عنده علم من الكتاب المنزل و هو علم الوحي و الشرائع و قيل كتاب نبي الله سليمان عليه السلام و قيل اللوح المحفوظ.
و منهم من قال إن المقصود بالكتاب في هذه الآية هو الكتاب المنزل و هو التوراة أو الزبور، و قيل أنه كتاب الله آتاه الله تعالى لسليمان عليه السلام و كان خاصاً به، و قيل المراد به هو الكتب التي تضمنت الحكمة ، فأكتسب منها ذلك العبد الصلاح و التقويم .
* تفسير العالم الجليل الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله تعالي :
قال الإمام الشيخ محمد متولي الشعراوي في تفسيره للآية 40 من سورة النمل ” أن الذي عنده علم من الكتاب هو :
” نبي الله سليمان عليه السلام”.
و أضاف فضيلته الي إنه لو كان شخصاً آخر غير نبي الله سليمان عليه السلام لكان له تفوق علي نبي الله سليمان في معرفة الكتاب و معللاً رأيه أن هناك فرق كبير في قدرات بين من يأتي بالعرش قبل أن يقوم الملك من مجلسه ، و بين من يأتي به في طرفة عين ، و نقل العرش من مملكة بلقيس الي مملكة سليمان بمدينة القدس يحتاج الي وقت و قوة .

* و بعد أن أستعرضنا بيان ماهية الكتاب و من هو الذي عنده علم من الكتاب الوارد في نص الآية 40 من سورة النمل كما بينا اختلاف الآراء الفقهية فيه .
نستطيع القول أن الله سبحانه وتعالى بقدراته المطلقة و هو القادر سواء بأسمه أو بصفاته او بأفعاله و التي يعجز أمامها جميع المؤمنين و المفسرين لكتاب الله تعالى فهي آيات معجزات و قد خص بها الله تعالي لنفسه ، و إخفائها لحكمة أرادها هو نفسه سبحانه و قد منحها و منها للأنبياء و الرسل و ذلك بوحي منه سبحانه وتعالى مصداقا لقوله تعالى:
” ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك”
آية رقم 44 من سورة آل عمران. و قوله تعالي و تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها انت و لا قومك من قبل هذا فأصبر أن العاقبة للمتقين ”
سورة هود الآية رقم 49
و هذه الآيات المعجزات ستظل أمور غيبية سواء كانت وحيا او كتابا انزل او من كان عنده علم من الكتاب و غيرها ،جميعها تدخل من باب الإجتهاد في الرؤي و الرأي و هو باب مفتوح الي يوم يرث الله الأرض و من عليها طبقا لقانون الإختلاف في الرأي و حديث رسول الله صل الله عليه وسلم و معناه :
” من أجتهد فأصاب فله أجران و من أخطئ فله أجر واحد .
كما أن هذه المعجزات قد أنزلها الله علي انبيائه و رسله بمناسبة أحداث معينة و في أوقات معينة لتدخل في إرادته و إطلاقاته الإعجازية و حكمته فهو إذا أراد شيئاً فإنه يقول له كن فيكون بإذنه و مشيته.
و الله أعلا و أعلم .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

Demo Title

Demo Description


Introducing your First Popup.
Customize text and design to perfectly suit your needs and preferences.

This will close in 20 seconds

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock