طارق فوزي. يكتب وجهة نظر ماذا بعد عدم تعويم الجنيه المصري

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس التحرير وجدى وزيرى

بعد أن كثرت الاحاديث،
و التساؤلات سواء لدي الأوساط الاقتصادية الدولية ، و المحلية عن موقف الحكومة المصرية من تعويم الجنيه المصري في مواجهة الدولار في ظل الأوضاع الاقتصادية التي مر بها العالم ، بعد اجتيازه فيروس كورونا و ما صاحبها من آثار علي مستوي العالم.
و ما أن أستفاق العالم من هذا الوباء ، اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية،
و ما ترتب عليها من أزمة اقتصادية ،و ركود تضخمي و إرتفاع الاسعار للسلع والخدمات في الاسواق.
و إزاء الضغوط الاقتصادية التي تمر بها مصر شأنها في ذلك شأن العالم مما حتم عليها الدخول في مفاوضات إقتصادية بينها وبين صندوق النقد الدولي في شهر ديسمبر الماضي 2022 من أجل الحصول على قرض مالي قدره 3 مليار دولار حيث فرض إدارة الصندوق “طلبات ”
و ليس “شروط” لتجاوز مصر هذه الأزمة الخانقة ،علي أن يتم السداد علي مدار 46 شهر على أن يقوم إدارة الصندوق بأعمال التقييم و المراجعة المستمرة كل 3 شهور، قبل منح الصندوق كل شريحة من هذا القرض و ذلك للتأكد من إلتزام مصر بخارطة الطريق بهدف إكتسابها ثقة العالم وتكون بمثابة ” صك دولي”لنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي قبل منحها الشريحة الآولي لمصر و قدرها 347 مليون دولار،
و من بين طلبات صندوق النقد الدولي للحكومة المصرية و قبل منح الشريحة الثانية من القرض هو ” تعويم الجنيه المصري” طبقا لتقريره الذي أفاد بأن قيمةالجنيه المصري لا يعبر عن قيمته الحقيقية أمام الدولار ،
مما يحتم على الحكومة المصرية من إعادة تقييمه و تسعير قيمته الفعلية في مواجهة الدولار طبقاً لقانون العرض و الطلب.
و أيضاً من طلبات إدارة الصندوق قيام الحكومة المصرية بأطروحات بعرض عدد 32 شركة في مصر للبيع و ذلك لتوفير سيولة نقدية من الدولارات يجعلها قادرة على تحمل أعبائها في رد قيمة القرض الممنوح لها .
و أصبح حديث الصباح والمساء و موضوع الساعة في مصر لجميع فئات الشعب و المراقبين و خبراء الأقتصاد هو متي سيتم تعويم الجنيه المصري وهو ما يبدو أنها قضية رأي عام، إلي أن صرح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر للشباب الوطني في الأسبوع الماضي، بعدم تعويم الجنيه المصري و أعتبرها السيد الرئيس إنها مسألة متعلقة بالأمن القومي شاء من شاء وأبى من أبى في إشارة واضحة لإدارة صندوق النقد الدولي و مصر حكومة و شعبا لن يرضخان لضغوطات صندوق النقد الدولي و أضاف سيادته أمام الرأي العام في مصر إن تعويم الجنيه المصري سيؤدي إلى مخاطر و تهديدات و تعرض اقتصاد الوطن للخطر ولن يستطيع شعب مصر العظيم من تحمل عواقبه الوخيمة إقتصاديا
و اجتماعياً.
و لكن ما تأثير قرار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي التاريخي بعدم تعويم الجنيه المصري في مواجهة ما يفرضه إدارة صندوق النقد الدولي من قيود و إجراءات اقتصادية عميقة الأثر للاقتصاد القومي و ما هو ردود فعل إدارة الصندوق علي هذا القرار قبل منح مصر الشريحة الثانية من القرض .
و قد أجاب علي هذا التساؤل الخبراء الاقتصاديين و المحللين أن هناك 3 سيناريوهات لخارطة الطريق أمام الحكومية المصرية إزاء حصولها علي هذا القرض بعد رفض تعويم الجنيه المصري .
السيناريو الأول هو إلغاء القرض الممنوح لها من إدارة صندوق النقد الدولي و قدره 3 مليارات دولار و هذا السيناريو مستبعد.
و السيناريو الثاني هو تأجيل مناقشة هذا القرض للعام القادم و تبرير الخبراء في ذلك هو منح مصر وقتاً كافياً يمكنها من دراسة و تحليل و تقييم الموقف الاقتصاد الوطني بعد حصر و تجميع كل مصادر الدخل القومي حتي تستطيع الوفاء بالتزاماتها في ظل تنامي وتعافي اقتصاد مصر و نمو متصاعد لإيراداتها السيادية كدخل قناة السويس الذي بلغ في نهاية السنة المالية المنتهية في 30/6/2023 9,5 مليار دولار و هو يعتبر أكبر إيراد لقناة السويس منذ تاريخ إنشاءها كدخل قومي ،
و ايضاً إرتفاع مؤشرات السياحة في مصر لتصل لمعدلات قياسية غير مسبوقة في عام 2023 أدت إلي تحقيق عائد كبير من الدولارات .
و كذلك حققت مصر نجاحاً ملحوظاً من إيرادات الغاز الطبيعي نتيجة تصديره للخارج و إرتفاع حصيلة مصر من هذا النشاط الاقتصادي الذي يبشر بالخير القادم.
كما حققت مصر كحصيلة دولارية لا بأس بها من عائد تصدير للعالم الخضار و الفاكهة حققت منه دخل من الدولارات كبير مقارنه بالسنوات السابقة الي جانب حصيلة مصر من الدولارات من تحويلات المصريين العاملين في الخارج.
و هذا السيناريو بعد منح مصر وقتاً كافياً اكثر لإلتقاط الانفاس و التريث حتي يتم تعافي اقتصاد مصر بعد توفير قدر كبير من الدولارات يجعلها قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه صندوق النقد الدولي.
بينما يري الخبراء الاقتصاديين كسيناريو ثالث إن مصر ستؤجل قيام إدارة صندوق النقد الدولي من تقييمه و مراجعته للإجراءات الإصلاحية التي تنوي الحكومة المصرية الالتزام بها الي نهاية شهر سبتمبر القادم من عام 2023 و هذا السيناريو يعد بطئ الي حد ما لان مصر لن تستطيع بل يستحيل لعدم قدرتها علي تلبية طلبات صندوق النقد الدولي في هذا الوقت القصير جدا و هو شهر واحد فقط .
وجهة نظرنا :
أولا:
و بعد عرض هذه السيناريوهات التي قدمها الخبراء و المحللين الاقتصاديين نري إنه من المستبعد أن مصر تتراجع آحادية الجانب في مفاوضاتها التي تجريها مع إدارة صندوق النقد الدولي للحصول على القرض فإما أن توافق مصر علي القرض من صندوق النقد الدولي و تلتزم بشروطه او بعضها
يا إما عدم الحصول على قرض من البداية و هذه الفرضية و إن حدثت سيؤدي إلى إحداث آثار سلبية متمثل في فقدان مصر ثقة المؤسسات و المنظمات الدولية و تهز سمعتها الدولية و علاقاتها التفاوضية في الشان الإقتصادي فمصر ليست دولة لوحدها في العالم و إنما هي دولة في وسط مجتمع دولي يشغل بؤرة اهتمام و تركيز المنظمات الدولية و منها إدارة صندوق النقد الدولي و يمنح قروض لمصر شأنها شأن غيرها من الدول للنهوض من كبوتها الاقتصادية و الوقوف على قدميها بخطي ثابتة لمواجهة التحديات الاقتصادية الصعبة و المضي قدما نحو تلبية متطلباتها الملحة لشعبها .

ثانياً:
اتفق في الرأي مع السيناريو الذي يؤكد علي منح مصر القرض الممنوح من صندوق النقد الدولي و لكن مع منح مصر الوقت الكافي ليكون نهاية شهر سبتمبر القادم 2023 لتلبية طلبات صندوق النقد الدولي مع التحفظ الشديد بعدم تنفيذ طلبها الخاص بتعويم الجنيه المصري تأييدا لتوجهات السيد الرئيس لآثاره الاقتصادية الكارثية ليس علي المدي القصير فحسب و إنما علي المدي الطويل ايضاً.
و حسنا فعل البنك المركزي المصري لجنة السياسات النقدية في اجتماعها المنعقد بتاريخ أمس الخميس 22/6/2023 من تثبيت سعر الفائدة الحالي و هو 18,25% علي الإيداع و 19,25% علي الإقراض و هذا معناه بوضوح إن الحكومة المصرية لن تجري تعويم الجنيه المصري تأيدا لتوجه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لما يمس الأمن القومي الإقتصادي لمصر.
و القول خلاف ذلك فإن الانصياع وراء طلب صندوق النقد الدولي الي تعويم الجنيه المصري سيؤدي إلي نتائج خطيرة في الاقتصاد الوطني من زيادة التضخم ،و بالتالي زيادة الدعم الذي ستوفره الحكومة، و ستزداد الأعباء المالية علي المواطنين،
و بالتالي ايضا ستزداد الديون الخارجية علي الحكومة نتيجة انخفاض العملة الوطنية في مواجهة الدولار. بالإضافة إلي نتيجة جوهرية و هي إن إعمال مبدأ تعويم الجنيه المصري سيجعل الحكومة المصرية و الاقتصاد الوطني في مواجهة تعويم ثان و ثالث و رابع طالما ان الحرب الروسية الأوكرانية في الوقت الحالي لازالت مستمرة و لم تنتهي بعد ،
و لا أحد يستطيع ان يتوقع متي ستنتهي و هذه تاثيرات خارجية لا يد لمصر فيها .
و أقترح أن تقوم الحكومة المصرية ممثلة في البنك المركزي المصري بالأعلان عن إصدار “شهادة بلاتينية” دولارية و مدتها 3 سنوات بفائدة متدرجة تدرج تنازلي في السنة الآولي 15% و السنة الثانية 12% و السنة الثالثة 10% و تطرح هذه الشهادة للمواطنين في مصر و المقيمين بالخارج وهذا الإقتراح إن حاز القبول فسيؤدي الي تحقيق عائد كبير من الدولارات يفوق كل التوقعات و طفرة في الحصيلة الدولارية كدخل قومي كما إنه سيؤدي إلي سحب السيولة النقدية من الدولار سواء داخل مصر أو خارجها مما سيجعل طبقا لقانون العرض و الطلب أن سعر الدولار الأمريكي سيكون في تراجع نتيجة لزيادة المعروض منه في السوق المحلي مقابل الجنيه المصري بما من شأنه تحقيق التوازن القيمي بين العملتين .

ثالثاً:
يبقي من طلبات صندوق النقد الدولي الإ بيع اصول الحكومة المصرية لعدد 32 شركة وطنية نستطيع القول بأنه قد تم بنجاح تعاقد مصر مع إحدي المؤسسات الدولية التابعة لصندوق الدولي IFC كشريك استراتيجي يضمن تقييم أصول هذه الشركات او نسبه حصة الحكومة في اسهم بعض الشركات التي تنوي الحكومة بعرض اطروحات لبيعها و ذلك بطريقة إحترافية لخبراتها التخصصية الكبيرة في هذا المجال سواء في مجال التقييم او التسويق او البيع و بذلك تكون مصر قد نجحت في تحقيق اقصي إستفادة ممكنة في تحديد أعلي قيمة سوقية لهذه الأصول عند إتمام عملية البيع .
و ختاماً فإني متفائل في موقف مصر و في اقتصادها و إنها ستتجاوز هذه الكبوة الاقتصادية عاجلاً او آجلا مدامت مصر في أيدي أمينة تحافظ علي مقدرات هذا الشعب و كيان الدولة و حقوقها التي لا يمكن التفريط فيها مهما كانت التحديات التي تواجهها شعارها الدائم تحقيق المصلحة العليا للبلاد .
و تحيا مصر تحيا مصر تحيا مصر.

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

Demo Title

Demo Description


Introducing your First Popup.
Customize text and design to perfectly suit your needs and preferences.

This will close in 20 seconds

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock