مقالات الكُتاب

جامعة الدول العربية ومعضلة استعادة سوريا

جريدة بكره احلى الاخبارية رئيس التحرير وجدى وزيرى

كتب حسين عطايا – كاتب وباحث سياسي لبناني .

باديء ذي بدء ، علينا ان نعترف بأن سوريا الموحدة والدولة المركزية القوية ، وذي الوزن الاقليمي ، قد انتهت في العام ٢٠١١ مع بدء ثورة الشعب السوري ، وقامت على انقاضها دولة ضعيفة منقسمة مفككة ، ويتقاسمها احتلال مجموعة دول تبداء مع الولايات المتحدة في الشرق قرب مثلث الحدود الاردنية – العراقية ” منطقة التنف” ، والشمال الغربي غربي نهر الفرات حيث مناطق الاكراد وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية ” قسد ” ، كما تقتطع تركيا مناطق في الشمال السوري وتتواجد قوات تركيا ومجموعة من المليشيات التابعة لها تحت مسمى الجيش الوطني السوري ، يُضاف اليها ايضاً في الشمال السوري ، منطقة ادلب حيث تتواجد فصائل المعارضة السوريا والتي تُعتبر خارج سيطة قوات النظام ، وتسيطر روسيا على مناطق واسعة في وسط البلاد وغربها خصوصاً في مناطق الساحل السوري قوات روسيا الاتحادية لاسيما في اللاذقية وطرطوس حيث القواعد البحرية الروسية ومنطقة حميميم حيث القاعدة الجوية الاكبر للقوات الروسية في سوريا ، بالاضافة الى مليشيات الحرس الثوري الايراني ومليشيات تابعة لايران من جنسيات مختلفة يضاف اليها مليشيا حزب الله اللبناني .

بذلك ، اصبح الخارطة السورية تتقاسمها عدداُ من الدول والمليشيات ، والجيش السوري هو عبارة عن مليشيات تتقاسمها دول الاحتلال في سوريا فالفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الاسد شقيق الرئيس السوري تُدين بالولاء لايران ، ولروسيا جزء كبير من الالوية والفرق العسكرية خصوصاً الفرقة الخامسة ، كذلك لايران وحزب الله اللبناني هيمنة على قطاعات عسكرية واسعة كتلك المسماة قوات الدعم الوطنية ، وهذا ما يُثبت بإن النظام السوري ورئيسه بشار ضعيف جداُ ولا يسيطر على البلاد بل مجرد واجهة تختبيء خلفها القوى والمليشيات المسيطرة بالفعل على الواقع السوري ، والاخطر هو ما تقوم به المليشيا الايرانية وعلى رأسها الحرس الثوري من اعمال التشيع وبناء المدارس الدينية التي تنشر ادبيات التشيع الصفوي الفارسي الذي يختلف عن التشيع العربي ، ويدين بالولاء للولي الفقيه الايراني ، عدا عن عمليات شراء الاراضي وما تقوم به من عمليات التغيير الديمغرافي في مناطق واسعة من الجغرافيا السوريا ، مما يجعل مشكلة النازحين السوريين خارج سوريا ازمة إنسانية عميقة كونهم لا يستطيعون العودة الى الاماكن التي تهجروا او أٌجبروا على النزوح منها .

كل هذه الامور مجتمعة جعلت الوضع السوري مُعقد وصعب وخطير جداً وبالتالي يختلف ، عن ما كنا نعرفه من سوريا الطبيعية بجغرافيتها وحدودها وواقعها الشعبي والسياسي السوري لسنين طوال عاشته من الاستقرار والوضع الاقليمي المستقر والتي كانت فيه سوريا لاعب اقليمي على مستوى العالم العربي ، واصبحت اليوم في وضع اخر مفكك وغير قادر النظام على فرض الامن والاستقرار بقواه الذاتية على مناطق واسعة من سوريا حتى تلك التي تتبع للنظام بالشكل والاسم .

لذلك اي سوريا تستعيدها جامعة الدول العربية لأي دور ومهام ،فمثلا قرار عودة سوريا لجامعة الدول العربية ، مقرون بالعمل على تنفيذ مضمون القرار الاممي ٢٢٥٤ والذي ينص على حل الازمة السورية بالحوار والعمل السياسي بعيداً عن الحرب والاعمال العسكرية ، وهذا الامر دونه عقبات كُبرى نتيجة وجود دول كثيرة تتقاسم الجغرافيا السوريا .

كما هو مطلوب من النظام السوري وقف تصنيع وتهريب المخدرات خصوصاً مادة الكبتاغون على وجه الخصوص والتي تُهرب الى دول الخليج العربي وخصوصاً المملكة العربية السعودية ، وهنا تكمن مشكلة كُبرى يواجهها النظام ، حيث أن ورش تصنيع الكبتاغون هي تحت حماية النظام وتحديداً تحت رعاية الفرقة الرابعة ومليشيا حزب الله ، وبالتالي واردات النظام السوري بغالبيتها وبنسبة ٦٠% تقوم على تصنيع وتصدير الكبتاغون حيث تُقدر صادرات الكبتاغون على الرغم من كل عمليات ضبط ومنع التهريب التي تقوم بها اجهزة الامن الاردنية واللبنانية والعراقية ، والجليجية فتبلغ نسبة العائدات ما قدره ستة مليارات دولار ، من اصل عشرة مليارات دولار تُشكل عائدات النظام السوري السنوية .

كيف يُمكن ان يُنفذ بند عودة النازحين السوريين ، ومناطق واسعة من الاراضي السورية تُسيطر عليها المليشيات الايرانية والتابعة لها وعمليات التغيبر الديمُغرافي التي تقوم بها هذه المليشيات حيث يتم إسكان عناصر المليشيات وخصوصاً مليشيا ابو الفضل العباس وزينبيون وفاطميون وعناصرها باكثريتهم من العراقيين والشيعة الهزارة الافغان ، وممنوع على السكان الاصليون العودة الى الاماكن التي تهجروا منها ، ومناطق القلمون السوري وريف حمص الغربي وريف دمشق الجنوبي والغربي حيث يسيطر حزب الله ويقوم بمنع عودة الاهالي السوريين الى اماكن سكنهم الاصلية وهذه المناطق تعيش حالة هدوء واستقرار منذُ العام ٢٠١٤ خصوصاً مناطق القصير وبقية مناطق القلمون الغربي حيث يتم زرع الاراضي هناك بحشيشة الكيف والقنب الهندي وتتواجد اكثر ورش ومصانع الكبتاغون والتي يُديرها جماعة الفرقة الرابعة ومليشيا حزب الله اللبناني .

كل هذه الامور المجتمعة تقف عائقاً فعلياً امام حل الازمة السورية ، وتُشكل معضلة كُبرى امام عودة سوريا دولة طبيعية ، مالم يتم تدخل عربي فعلي يقوم على إخراج جميع المليشيات وجيوش الاحتلال التي تُسيطر على سوريا وتتم عملية سياسية عبر مراحل تستطيع حل الازمة السورية وعبر فترة انتقالية ، وبالتالي سيكون العمل مُضني ومُتعب وتتخلله مشاكل كُبرى وازمات جداً مُستعصية بالنظر الى تداخُل عناصر كُبرى ومتعددة في الازمة السورية ، ومن جهة أُخرى ضعف قوى النظام وتفككها وكونها تُدين بغالبيتها للمليشيات وجيوش الدول التي تحتل مناطق واسعة من سوريا .

لذلك ، السؤال المطروح هو :
اي عودة لأي سوريا الى جامعة الدول العربية ولأي مهمات او لأي دور ؟؟؟؟.

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock