ايران ونظام الملالي امام لحظات حرجة .

 

كتب حسين عطايا – كاتب وباحث سياسي لبناني .

قبل السادس عشر من ايلول – سبتمبر الماضي ، كانت ايران تعيش حالاتٍ شبه طبيعية ، على الرغم من كل الازمات الاقتصادية والحصار الامركي والغربي المفروض عليها ، ولكن إقدام شرطة الاخلاق التابعة للنظام الايراني على اعتقال الشابة مهسا أميني وسقوطها شهيدة نتيجة اعمال التعذيب التي تعرضت لها والتي اشعلت ثورة النساء الايرانيات تحت شعار
” المرأة ، الحياة ، الحرية ” والتي دخلت في هذه الفترة بشهرها الرابع .

واجهت ثورة نساء ايران سلطات القمع وجهاً لوجه ، وبدأت النساء بنزع الحجاب وقص شعورهن ، وهذه اللحظات الحرجة بتاريخ الشعب الايراني وخصوصاً نساء ايران اللواتي يعِشنَ تحت رقابة صارمة من اجهزة النظام الايراني ، وخصوصاً تحت نظر عناصر شرطة الاخلاق والتي تتدخل بلباس وحجاب النساء وتطابق لباسهم مع الشروط الصارمة التي يضعها النظام ، والتي تُعتبر الى حدٍ ما من انظمة الحكم الايراني الذي يستمد شرعيته من الدين وبعض العقائد التي يعتقد بها اباء النظام بأنها تعطيهم شرعية إلهية عبر ما يُسمى المرشد والذي وِفق عقيدتهم بأنه يُمثل الذات الالهية على الارض ، وبالتالي قراراته واوامره لا تُرَد ولا يُمكن استئنافها او تغييرها او حتى تعديلها او التنازل عن بعضها لتسوية بعض الامور .

واللافت ان ثورة النساء الايرانيات كسرت الحواجز الشرعية للنظام ، واعطت للثورة الايرانية الحالية والتي إنضمت اليها قطاعات واسعة من الشعب الايراني لاسيما الشباب الايراني وخصوصا الشباب الجامعي وبعض القطاعات الاقتصادية والتي تأتي اعمالهم وفقاً لهيئات تنسيقية تتعاطى بسريةٍ تامة ، وما يُميزها عما سبقها من ثورات خصوصاً انتفاضة الاصلاحيين في العام ٢٠٠٩ والتي كانت شعاراتها إصلاح النظام والمُطالبة ببعض الحريات بينما الثورة الحالية شعاراتها تخطت الكثير مما نادت به شعارات ثورة العام ٢٠٠٩ ، لا بل دخلت منحىً جديداً من خلال التعرض لشرعية النظام ولا يغيب عن شعارات المتفضين
” الموت للدكتاتور ، الموت لخامنئي
” وابرز شعارات الثورة المرأة الحياة الحرية ” .
وهذا الشعار وحد المنتفضين الثائرين والذين بعد ان دخلت الثورة شهرها الرابع وبالرغم من كل وسائل القمع على اختلافها لم تنتهي بعد بل تزداد يوماً بعد يوم ضراوةً اكثر وانضمام قطاعاتٍ جديدة للثورة مما يعطيها بُعداً اخراً وجديداً يُزيدها قوة ومناعة .

الجديد في ثورة النساء بأنها تختلف عم قبلها بأنها لا قيادات ظاهرة لها بل تعتمد على لجان الاحياء والتنسيقيات التي تؤمن التواصل والتنسيق في الدعوة للتظاهر وتحديد الاماكن والاضرابات وغيرها من خصوصيا الثورة لوجستياً وعملياً .

في البداية لم يخطر ببال النظام بأن ثورة النساء قد تُفضي إلى استمرارها طوال هذه الفترة وتصاعدها الى هذه الحدود ، كما ان الامر لم يقتصر على الداخل الايراني فحسب ، بل على البُعد الاقليمي والدولي حيث لم تلقى الثورة اي دعم إعلامي في بداياتها ، او اي نوع من انواع الدعم من الغرب الذي يُنادي باستمرار بحقوق الانسان وحرية الشعوب ، لان مصالح تلك الدول كانت اكبر من حرية نساء ايران او شباب ايران وبقية قطاعات الشعب الايراني .
لغاية الان لا زالت بوادر الدعم قليلة ، لا بل غير متكافئة مع ما يختزنه النظام الايراني من إمكانيات واساليب قمع وقوة غاشمة .

إذن الشعب الايراني لم يعُد يقبل بانصاف الحلول ، بل بتغيير النظام برمته وإسقاط حُكم المُرشد الإلهي والذي يُبكل حياة الايرانيين ويُبدد ثروات شعبه على ما سُمي نظرية تصدير الثورة ، والتي اطلقها زعيم ما سُمي الثورة الاسلامية في ايران وتأسيس الجمهورية الاسلامية الايرانية في العام ١٩٧٩ ، الخميني .
اليوم وبعد دخول الثورة الايرانية ، وسقوط مايزيد عن خمسماية ضحية من مختلف ابناء الشعب الايراني ومن بينهم ما يزيد عن اربع واربعين طفلاً دون الثمانية عشر من العمر ، واعتقال ما يزيد عن ثماني عشرة الف مُعتقل ، واستخدام شتى انواع القمع ، بدأ النظام الايراني واجهزته بتنفيذ مُحاكماتٍ صورية بحق المُعتقلين ، وبإصدار احكاماً بالسجن لاعوام كثيرة ولم يوفر بذلك حتى ابناء عائلته ” اخته وابنة اخته وصهره زوج اخته من قبل ، وبدأت السلطات بتنفيذ احكام الاعدام بحق بعض الشباب المعتقلين وكانت اول عملية إعدام الخميس الماضي في التاسع من كانون الاول – ديسمبر الحالي بحق محسن شكاري ” ٢٣ عاماً ” ، وكانت بالامس عملية إعدام الشاب مجيد رضا رهندور ” ٢٣ عاماً” وذلك في اول عملية إعدام علنية في ساحة مشهد جنوب شرق ايران ، بعد ان كان قد استغنى عنها منذ منذُ شهر اذار – مارس من العام ٢٠١٦ ، حيث كان قد نفذ حكم الاعدام بناشطين احوازيين هما : ” علي عفراوي ، مهدي نوابع ” في مدينة الاحواز .

فإذاً بعدما فشلت اعمال القمع والاساليب المستخدمة بدأت السلطات الايرانية بتنفيذ ألاعدامات العلنية فقط لزيادة الخوف في قلوب الثائرين لعله بذلك يستطيع زيادة نسبة الخوف بقلوب الشعب الايراني الثائر ، وتُعتبر ايران ثاني اكثر دولة اقوم بتنفيذ احكام الاعدام في العالم ، فتم تنفيذ ما يزيد عن خمسماية حالة إعدام خلال العام الحالي ، وفق منظمة حقوق الانسان الايرانية .
إذن ، الثورة الايرانية دخلت شهرها الرابع ، فأدخلت النظام الايراني بأزمة قد تكون الاصعب التي يواجهها منذ تأسيس الجمهورية الاسلامية الايرانية في العام ١٩٧٩ .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock