السعودية تُعيد كتابة التاريخ .

جريدة بكره احلى الإخبارية رئيس التحرير وجدى وزيرى 

حسين عطايا – كاتب وباحث سياسي لبناني .

ليس حدثاً عادياً يمُر مرور الكِرام ، او صفحة علاقات جديدة ، تُرسم مابين العملاق الصيني والعربية السعودية بما تُمثل من إمكانياتٍ اقتصادية وتطلعات مستقبلية ، لا بل تتحول الى شراكة حقيقية تنطلق في عالمٍ جديد ومتغير .
الزيارة التي يقوم بها الرئيس الصيني شي جينبنغ الى المملكة العربية السعودية ، والتي بدأت عصر الاربعاء في السابع من كانون الاول – ديسمبر الحالي ، هي حقيقة علاقات تعاون بدأت منذ تسعينات القرن الماضي وتطورت الى ان تم التوقيع يوم امس على اتفاقية شراكة إستراتيجية صينية – سعودية ، حيث جرى التوقيع على اتفاقيات وبشتى المجالات حيث بلغت ارقام تلك الاتفاقيات ما يزيد عن تسع وعشرين مليار دولار .
هذا الامر ليس صُدفة لا بل نتيجة تخطيط ورؤية سعودية من ضمن رؤية سمو ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان” ٢٠٣٠ ” ، يُضاف أليها إرادة صينية من خلال خطة الحزام وطريق الحرير ، والتي تهدُف الى توسيع العلاقات الصينية مع باقي دول العالم لاسيما في الشرق الاوسط واوروبا وافريقيا .
كما ان هذا الامر بالنسبة للرؤية السعودية لم يكُن نتيجة قرار او تخطيط سعودي باستبدال العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الامريكية بعلاقات استراتيجية أُخرى مع الصين ، بل الامر يتعدى ذلك ليكون بمثابة قرار سعودي وعربي في تنويع العلاقات بما يخدُم المصالح السعودية والعربية ، لاسيما بعدما اصاب التبدل والارباك في السياسة الخارجية للإدارة الامريكية مما انعكس سلباً على علاقات الولايات المتحدة مع اصدقائها وحلفائها العرب ، لا بل تطور الامر سوءاً حتى في العلاقات الامريكية – الاوروبية ، وما قاله منذ يومين الرئيس الفرنسي في لقاء تلفزيوني في برنامج ” ٦٠ ” ستون دقيقة الامريكي حيث اثار نفس المخاوف التي يتحدث عنها قادة دول الخليج العربي والمملكة الغربية السعودية ومصر ايضاً .
إذن ، العلاقات السعودية الصينية هي مابين اكبر مُصدر للنفط واكبر مستوردٍ لهذه السلعة الحيوية ، وما رافق هذه الزيارة من حفاوة في الاستقبال وعدد الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين يدل بوضوحٍ جلي على أن العربية السعودية تُعيد كِتابة التاريخ وفقاً لرؤيةٍ واضحة المعالم والاتجاهات وتأخذ معها توجهات باقِ او اغلبية الدول الخليجية والعربية .

وتأتي زيارة الرئيس الصيني ” شي ” ، لتُعبِر عن سياسة جديدة تنطلق في الشرق الاوسط على مستوى الخليج العربي واغلبية الدول العربية لرسم مشهدٍ جديد يختلف عما سبق ويأخذ مصالح تلك الدول على محمل الجد وفقاً لرؤىً عربية جديدة تسعى للتطوير البشري والبنيوي وفقاً لمُقاربات تختلف عن ذي قبل واهدافها مرتبطةً باستراتيجيات جديدة .
على هذا الاساس فإن زيارة الرئيس الصيني لا تنطلق من زيارة خاصة فحسب ولقاءٍ استراتيجي سعودي – صيني ، بل أنه من خلال القمم الثلاثة التي انعقدت ، القمة الصينية السعودية بالامس الخميس واليوم ستنعقد قمةً خليجيةٍ صينية ومن ثم تليها قِمة صينية عربية سيحضرها اغلبية قادة الاقطار العربية والتي بدأت تتوافد بالامس عصرا الى الرياض للمشاركة بالقمة الموعودة ، والتي ستُشكل معبراً لخارطة طريقٍ جديدة في العلاقات العربية الصينية بناءاً على رؤى واضحة المعالم والطريق .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock