مقالات الكُتاب

العرب وتحديات المرحلة

كتب حسين عطايا – كاتب وناشط سياسي لبناني .

تمر المنطقة العربية في هذه المرحلة ، بمرحلة مصيرية تُشابه الى حدٍ كبير صبيحة رسم حدود الدول والاقطار العربية وتقاسمها ما بين الانتداب الفرنسي والانكليزي في مرحلة
” سايكس بيكو ” ، حيث بعض الملامح تنحو نحو مرحلة جديدة مع اختلاف في بعض الظروف لصالح العالم العربي في هذه الظروف .

ابان رسم خارطة المنطقة في العام ١٩١٦ أي اتفاقية سايكس بيكو .

” اتفاقية سايكس-بيكو ”

” اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، كانت اتفاقا وتفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة المشرق العربي ، ما بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى. تم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين تشرين الثاني – نوفمبر من عام 1915 وايار – مايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك تم تقسيم منطقة المشرق العربي ، بموجب الاتفاق، وحصلت فرنسا على الجزء الاكبر من الجناح الغربي من المشرق (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل في العراق. أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالاتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا ” .

بينما في هذه المرحلة تختلف ظروف المنطقة العربية ، حيث بدأت ترتسم ملامح فصول من القوة او نواة مشروع عربي ،قد يستطيع الوقوف بوجه ما يُخطط للمنطقة ، خصوصاً أننا على ابواب العودة للاتفاق النووي ما بين الولايات المتحدة وايران والتي تُشكل دولة إقليمية تمتد اذرعها في العديد من الدول العربية ، وهذه الاذرع ليست سياسية او تُشكل قوة سياسية فحسب لا بل هي اذرع عسكرية تُمثل الفكر الشيعي الصفوي اي ولاية الفقيه والتي تبحث عن دور او عن تمركز دورها في المنطقة العربية من بغداد مروراً بصنعاء وسوريا وصولاً الى بيروت .

هذا الامر ، أي العودة للأتفاق النووي سيُشكل مرحلة جديدة تُعطي إيران قوى إضافية من حيث رفع العقوبات عن مليارات الدولارات الايرانية المحتجزة في مصارف الولايات المتحدة والدول الغربية عامة مما يُعزز القدرات المالية لايران وبالتالي هذا الامر سيزيد من إمكانيات القدرات المالية الايرانية مما سينعكس على اذرع ايران في المنطقة العربية مما سينعكس سلباً على الدول العربية التي تتوزع بها اذرع ايران .

هذا الامر ايضاً ينعكس على الوجود التركي والذي لايقل خطراً عن المشروع الايراني إن في شمال سوريا وما تُخطط له انقرة حالياً من العودة لفتح خطوط التواصل مع النظام السوري والذي تهدف منه تركيا زيادة نفوذها حيث لا يقتصر فقط في الشمال السوري فحسب ،
كذلك الوجود التركي في ليبيا عبر بعض من المنظمات ذات النفوذ في طرابلس الغرب وخصوصاً من خلال المرتزقة التي جندتهم انقرة من المعارضة السورية وغيرها وقامت بترحيلهم الى ليبيا لفرض امر واقع على الارض الليبية مما يُعطي انقرة نفوذاً في السياسة ايضاً .

وطبعا لا يغيب عن بالنا العدو التاريخي للعرب وهو الكيان الصهيوني والذي تم زرعه في المنطقة العربية ” فلسطين ” ، ليُشكل فاصلاً جغرافيا مابين المشرق والمغرب العربي ، وبالطبع ما يتردد دوماً عن اطماع صهيونية في الارض والمياه والثروة العربية ، مما يُشكل ثالوثاً أضلعه مؤلفة من :
” إيران – تركيا – وإسرائيل ” .

عدا عن الحرب الروسية الاوكرانية وما شكلته في هذا الوقت من ازمات على مستوى العالم .

على اثر هذه الامور مجتمعة تُشكل حالة تُشابه الى حدٍ ما ما مرت به المنطقة العربية فيما مضى من الازمنة ، مع فارق بأننا اليوم نشهد نواة مشروع عربي جديد يمتلك مظهر من مظاهر القوة في الوقت الخالي مؤلف من بعض الدول العربية والتي تمتلك الكثير من مكامن القوة وهذه الدول :
المملكة العربية السعودية ، الامارات العربية المتحدة ، جمهورية مصر العربية والمملمة الاردنية الهاشمية .

هذه الدول وخلال مرحلة قصيرة بنت علاقات بينية على قاعدة التعاون فيما بين الدول مما فرض حالة من قوى بدأت تفرض وجودها على الساحة الدولية لاسيما في خضم الصراع الحالي الدائر نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية وما ينتج عنها من ازمات تتفاقم يومياً وقد دفعت بالقارة العجوز اوروبا الى حالة صعبة جداً على ابواب الشتاء القارس القادم ، نتيجة ما تواجهه من ضعف في إمكانيات الطاقة نتيجة تحكم روسيا بالغاز والنفط ، وهنا تلعب المجموعة العربية ونتيجة مكامن القوة التي تمتلكها من جراء السياسات التي تتبعها واللقاءات الدورية التي تُقيمها مما خلق حالة تنسيق في المواقف والاعمال فرض على الاخرين احترام هذه القوة المتألقة ، وهنا لايمكن تناسي زيارة الرئيس الامركي جو بايدن ومواقفه التي كانت سبقت الزيارة تجاه العربية السعودية ، والتي فرضت واقع جديد يُعدي المنطقة العربية بعضاً من قوة في الموقف والسياسات ويجعلها صاحبة رأي وقرار في رسم سياسات المنطقة لمواجهة الثالوث المكون من ايران وتركيا وإسرائيل ، لاسيما الدور الايراني والذي يُشكل تهديداً حقيقياً للدول العربية لما لها من دور اقليمي قد يفوق ما تقوم به إسرائيل في بعض الاحيان .
هذا الامر قد يُساهم في إبعاد الكأس المرة عن المنطقة العربية ، نتيجة ما يُرسم حالياً للمنطقة من تقاسم النفوذ والثروات لعربية في ظل الازمات الدولية الراهنة .
إذاً القوة الاقتصادية والمالية التي تمتلكها العربية السعودية والامارات العربية المتحدة حين يتكامل مع ما تمتلكه جمهورية مصر العربية من قوة عسكرية ونفوذ سياسي وقوة إقتصادية ناشئة وواعدة ومع ما تًشكله المملكة الاردنية الهاشمية من موقع وإمكانيات ، سيُطي هذه القوة الناشئة مميزات مهمة وكُبرى واعدة سينعكس عملها في تشكيل قوة عربية تستطيع الوقوف في وجه ما يُخطط للمنطقة العربية وهذا الامر يُعزز الامن القومي العربي ويُعطيه المنعة في مواجهة التحديات .

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى