تفاصيل جلسة المباحثات بين رئيسي وزراء مصر والكويت

عُقدت جلسة مُباحثات مُوسعة ترأسها مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، والشيخ جابر مبارك الحمد الصُباح، رئيس مجلس الوزراء الكويتى، بمقر مجلس الوزراء.
وحضر الجلسة من الجانب المصري، وزراء: «الكهرباء، الخارجية، الاستثمار والتعاون الدولي، البترول، التخطيط، والتجارة والصناعة»، والمدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي، ومن الجانب الكويتي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، وزير التجارة والصناعة وزير الدولة لشئون الخدمات، وزير النفط والكهرباء والماء، ورئيس مجلس إدارة الغرفة رئيس الوفد التجاري، بالإضافة إلى عدد من المسئولين من الجانبين.
وفي مستهل جلسة المباحثات، رحب رئيس مجلس الوزراء، برئيس وزراء الكويت والوفد المُرافق له، متوجهًا بالشكر للكويت على دعمها المستمر لمصر منذ عام 2013، الذي ثمنه الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال استقباله لهم اليوم، لافتًا إلى أن حجم الدعم يعبر عن مشاعر الأخوة ومدى الترابط بين البلدين والشعبين الشقيقين، مُشددًا على أن الكويت كانت سندًا لمصر كما كانت مصر دومًا سندًا للكويت.
وتقدم مدبولي، بالتهنئة بعودة الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت بسلامة الله إلى أرض وطنه، داعيًا الله له بموفور الصحة والعافية، مثمنًا مواقفه التاريخية تجاه القضايا العربية، ودور الوساطة المؤثر الذي تقوم به الكويت دومًا لتسوية المشكلات في المنطقة العربية.
ومن جانبه، أعرب رئيس وزراء الكويت، عن سعادته بتلبية الدعوة لزيارة مصر، التي لا يحسب نفسه ضيفًا عليها، مُتوجهًا بالشكر والتقدير على حفاوة الاستقبال وحُسن الضيافة، كما توجه بالتهنئة لمصر وشعبها بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ46 لانتصار حرب أكتوبر المجيدة، لافتًا إلى مُشاركة قوات من جيش بلاده إلى جانب الجيش المصري، في حروب الاستنزاف ونصر أكتوبر، في سبيل استعادة الأرض المصرية، التي امتزجت خلالها دماء أبناء البلدين.
وأكد الصباح، أهمية الزيارة التي يقوم بها والوفد المرافق له حاليًا، في البناء على نتائج الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس السيسي، إلى الكويت مطلع سبتمبر الماضي، التي عكست عمق العلاقات بين البلدين، هذا إلى جانب الاستفادة من النتائج الإيجابية لاجتماعات اللجنة المصرية الكويتية المُشتركة التي عقدت في ديسمبر 2018، من خلال متابعة موقف تنفيذ الاتفاقات المبرمة، ودفعها قدمًا لتحقيق الأهداف التي يتطلع لها البلدان.
وشدد رئيس الوزراء الكويتي، على وقوف بلاده إلى جانب مصر في كل الإجراءات التي تتخذها في سبيل حماية أمنها واستقرارها، مُثمنًا دور مصر الرائد خلال رئاستها حاليًا للاتحاد الإفريقي، في تعزيز الأمن والاستقرار بالقارة الإفريقية، وتعزيز التجارة البينية بين بلدانها.
وأشاد الصُباح، بالإصلاحات التي نجحت مصر في تحقيقها في مجال الاقتصاد، في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بما يؤكد سعي مصر إلى النهوض بالأوضاع الاقتصادية، وتهيئة المناخ لجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية، كما أشاد بالنمو الذي شهدته العلاقات الاقتصادية بين البلدين، في الاستثمارات المباشرة التي بلغت نحو 16 مليار دولار، خلال العقود الـ4 الماضية، بمتوسط نحو 400 مليون دولار سنويًا، وكذا حجم التبادل التجاري الذي بلغ نحو ٢ مليار دولار في ٢٠١٧، مؤكدًا سعي الكويت لتعزيز وزيادة استثماراتها في مصر وتذليل كافة المعوقات لتحقيق ذلك.
وتطرق رئيس وزراء الكويت إلى التعاون القائم بين الحكومة المصرية والصندوق الكويتي للتنمية للاقتصادية العربية، الذي يصل لأكثر من 50 اتفاق تمويل تم توقيعها، لدعم وتمويل عدد من المشاريع التنموية والخدمية في مصر، بقيمة ٣.٤ مليار دولار، مشيرًا إلى أن الكويت تمضي في حرصها على تعزيز العلاقات على كافة المستويات، ودفع آفاق التعاون بين البلدين، لتحقيق المصالح العليا للبلدين، مدللاً على ذلك بالوفد الكويتي الذي يضم عددًا كبيرًا من رجال القطاع الخاص الكويتي ورئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة الكويتي، معتبرًا أن التعاون الاقتصادي يعد ركيزة رئيسية لتحقيق ذلك، فهناك فرصة كبيرة يمكن استثمارها.
وأكد مدبولي، أن الحكومة المصرية تقدر التعاون مع الصندوق الكويتي لدعم وتمويل المشروعات، بخلاف ما يتم توقيعه اليوم من اتفاقات، مُعربًا عن تطلعه لزيادة الاستثمارات الكويتية في مصر خلال الفترة المقبلة، كما أعرب عن سعادته بما سمعه اليوم من نظيره الكويتي، بما يعكس متابعتهم الجادة للإصلاحات التشريعية والاقتصادية التي تتبناها مصر، إلى جانب العمل على بحث وتسوية العديد من المنازعات المتعلقة بالاستثمار، وكذلك خطوات إنشاء صندوق مصر السيادي، الذي سيكون ذراعًا استثمارية للدولة، بعيدًا عن البيروقراطية، داعيًا إلى عقد جلسات مشتركة بين الجانبين المصري والكويتي لبحث مجالات التعاون ودفع هذا الملف.
وشهدت جلسة المباحثات مُداخلات من عدد من الوزراء من الجانبين، حيثًُ تناول الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي، وزير خارجية الكويت، عددًا من الجوانب المتعلقة بالأوضاع الإقليمية، ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، مؤكدًا اضطلاع الكويت بدورها كممثل للدول العربية في مجلس الأمن خلال هذه الفترة، ومثمنًا دعوة مصر لعقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في أعقاب تطورات الأزمة السورية مؤخرًا.
وأكد وزير خارجية الكويت، أنه رغم التحديات الكثيرة في المنطقة، فإن استعادة مصر لدورها الخارجي يعد بارقة الأمل للأمة العربية كلها، سواء من خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، واستضافتها للقمة العربية ـ الأوروبية في فبراير الماضي، وكذا مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في اجتماعات قمة الدول العشرين الكبار، ثم قمة الدول السبع الكبار، وكذا المشاركة المزمعة للرئيس في قمة “روسيا إفريقيا” في روسيا الشهر الجاري، لافتًا إلى أن الكويت تعول على دور مصر في التعبير عن القضايا العربية والإقليمية.
ومن جانبه، أشار سامح شكري، وزير الخارجية، إلى أهمية التواصل بهدف تعزيز التضامن العربي المُشترك تجاه العديد من القضايا، وايجاد رؤية مشتركة للخروج من العديد من الأزمات التي تواجه المنطقة العربية، وأكد الوزير سعادته برئاسته للجانب المصري في اجتماعات اللجنة المصرية الكويتية المشتركة، وتطلعه للمشاركة الفاعلة من جانب الوزراء المشاركين بها، والسعي لتنفيذ مخرجاتها بما يحقق الأهداف التنموية المستهدفة.
وقالت الدكتورة وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، إن هذه الزيارة يتم استثمارها على نحو جيد؛ حيث استقبلت الوفد التجاري المُصاحب لرئيس مجلس الوزراء الكويتي، وعرضت عليهم التعديلات الجديدة لقانون الاستثمار، واطلعوا على الخارطة الاستثمارية، وتمت الإجابة عن تساؤلاتهم حول الفرص والحوافز الواعدة في السوق المصرية، لاسيما في العاصمة الإدارية الجديدة، وهضبة الجلالة، والعلمين الجديدة، مشيرة إلى أنه كان هناك تركيز على مشاريع الإسكان، وتم تحديد موعد مع وزير الإسكان لبحث سبل التعاون في هذا المجال، وأضافت أنه تمت مناقشة التعاون في القطاع المصرفي والاطلاع على برنامج الطروحات الحكومية وهناك حرص على المشاركة فيه، لافتة إلى أنه يتم استكمال حل عدد من المشكلات لدفع سُبل الاستثمار.
فيما أشارت وزيرة التخطيط، إلى جانب من الخطوات الإيجابية التي قامت بها مصر على الصعيد الاقتصادي، التي ساهمت في تحسن المؤشرات الاقتصادية، فضلاً عن المشاريع التي تمت خلال الأعوام الماضية للنهوض بالبنية التحتية من الكهرباء والطرق والموانئ لتشجيع الاستثمار، التي تعادل ما تحقق خلال العقود الثلاثة الماضية.
وتطرقت الوزيرة إلى خطوات إنشاء صندوق مصر السيادي، الذي يسعى إلى الاستفادة من تجارب الدول الأخرى ومنها الكويت، في إنشاء صناديق سيادية كمحفظة لتمويل المشروعات، مشيرة إلى أن صندوق مصر السيادي يعتمد على الأصول المملوكة للدولة، من أراض وشركات، ويتم نقلها إلى الصندوق ليكون مالكًا لها، ويقوم بطرح أدوات استثمارية متنوعة، ويعتمد الصندوق على خبرات متميزة في إدارة القطاع الخاص لتحقيق مبادئ الحكومة والشفافية.
وأوضحت الوزيرة أن مصر لديها فرص استثمارية من خلال الصندوق يمكن للقطاع الخاص الكويتي المشاركة فيها.
وعقب أيمن سليمان، المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي، الذي أوضح للحضور مجالات عمل الصندوق، مشيرًا إلى حرص مصر على الاستفادة من خبرات الجانب الكويتي في هذا الشأن باعتبارها من أوائل الدول صاحبة الصناديق السيادية، لافتًا إلى أن مصر تتمتع بالتنوع الاقتصادي والأصول والممتلكات، التي يمكن استثمارها وإعادة تشغيلها، وأشار إلى أن الصندوق لديه شراكات كثيرة في مجالات السياحة والطاقة والاستفادة من الأماكن الأثرية.
وفي هذا الإطار، قال مدبولي، إن مصر لديها فرص عديدة في مجال الإسكان، منها أراضٍ مميزة للاستثمار العقاري في المدن الجديدة، وأراضٍ في قلب القاهرة، وأصول تاريخية، وقصور قديمة أثرية، مطروحة للاستثمار السياحي. كما أشار مدبولي إلى أن مجال الصناعة أيضًا به فرص واعدة يتم الترويج لها حاليًا من خلال الخريطة الصناعية الموحدة، التي تعرض 6 ملايين م2 من الأراضي للاستثمار الصناعي، عن طريق الطرح إلكترونيًا وتوضيح المزايا والبنية الأساسية الصالحة للاستثمار.
وقال علي محمد الغانم، رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة والصناعة الكويتية، رئيس الوفد التجاري، إن العلاقات المصرية ـ الكويتية بالغة في القدم، حيثُ لا تنسى الكويت مساندة مصر لها كثيرًا في دعم مجالات الصحة والتعليم سابقًا، وكذا مساهمة الشركات المصرية المستمرة في تنفيذ مشروعات مهمة وحيوية في الكويت وفي مقدمتها شركة المُقاولون العرب.
وتناول الغانم، رؤية القطاع الخاص الكويتي حول الإصلاحات التشريعية والاقتصادية التي تقوم بها الحكومة المصرية، خاصة قانون الاستثمار الجديد، لافتاً إلى الآثار الإيجابية لذلك على دفع التعاون بين البلدين واستقطاب استثمارات القطاع الخاص، وزيادة حجم التبادل التجاري، الذي اعتبره الغانم لا يرقى بعد لحجم العلاقات بين مصر والكويت، كما طرح بعض المقترحات التي تحقق زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وعددًا من المجالات المقترحة للتعاون وفي مقدمتها الطاقة المتجددة، مثمنًا ما حققته مصر من تقدم في مجال الطاقة خلال السنوات الأخيرة.
وأشار إلى أن الكويت يمكن أن تكون منصة لإعادة تصدير منتجات مصر إلى بلدان أخرى عربية مجاورة. وأعرب عن تطلعه لاستكمال التعاون المثمر مع الإدارة الجديدة لاتحاد الغرف التجارية.
وعقب عدد من الوزراء من الجانب الكويتي مؤكدين التزام الكويت بدعم الاستثمار مع مصر، خاصة في ضوء كون الكويت دولة تعتبر سوقًا شرائية عالية، وتسعى لاستقبال المنتجات المصرية المختلفة في ضوء الاشتراطات المطلوبة.
ومن جانبه، أكد وزير التجارة والصناعة، حرص القطاع الخاص المصري على التنسيق والتعاون مع القطاع الخاص الكويتي في العديد من المجالات، وأوضح أن وزارة التجارة تعمل على تذليل المعوقات التي قد تواجه هذا التعاون، مشيرًا إلى تطلعه لأن تكون الكويت منصة لنفاذ المنتجات المصرية إلى بلدان مجاورة، مع بحث إمكان التعاون في إقامة صناعات في مناطق صناعية في الكويت لتدخل إلى الأسواق المجاورة.
كما قال المهندس طارق الملا، وزير البترول، إن الكويت إحدى الدولة الداعمة لمصر في مجال النفط، معربًا عن تطلعه للمزيد من التعاون مع الجانب الكويتي في هذا المجال.
وفي ختام المباحثات، قال رئيس الوزراء الكويتي، إنه يشعر بالسعادة للمباحثات التي جرت اليوم، مشيرًا إلى أهمية أن تتبنى اللجنة العليا المشتركة هذه المُقترحات، لبحثها وصياغتها في صورة اتفاقات، لافتًا إلى ضرورة المتابعة الدائمة للقرارت والاتفاقات التي يتم توقيعها لتنفيذ بنودها وتحقيق أهدافها.
ومن جانبه، أكد مدبولي، أهمية المتابعة لتحقيق الأهداف، ودعا إلى زيارات متبادلة بين ممثلي الصندوق السيادي المصري ونظيره الكويتي للاستفادة من خبراتهم في هذا المجال، كما أعرب عن تطلعه لتعزيز حجم التبادل التجاري بين مصر والكويت، والنهوض بالصادرات المصرية للمنافسة خارجيًا، مع الأخذ بقاعدة القوائم البيضاء، في اعتماد مُصدرين ذوي سمعة طيبة ملتزمين بالمعايير العالمية. كما أشاد مدبولي بالدعم الكبير الذي تلقاه الجالية المصرية في الكويت، مؤكدًا أن هذا ليس بالنهج المُستغرب على الكويت وشعبها الشقيق، الذي تربطه بالشعب المصري أواصر الإخاء والمحبة منذ القدم.