تغيرات كثيرة شهدتها القارة الأفريقية الفترة الأخيرة على صعيدى الاقتصاد والسياسة فى مجالات عدة، كللت مجهودات مصر عبر رئاستها للاتحاد الإفريقى نحو تحقيق التنمية بالقارة السمراء وفتح آفاق تعاون جديدة وتذليل العقبات التى تواجه ذلك. وهو الأمر الذى بدا واضحًا خلال مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي فى قمة الدول السبع الصناعية الكبرى التى عقدت في مدينة بياريتز الفرنسية، حيث دافع بقوة عن حق أفريقيا في شراكة عادلة من أجل الاستقرار والتنمية المستدامة ومكافحة الإرهاب والمساواة، ويستكمل الرئيس مهمته كرئيس للاتحاد الأفريقي، وكزعيم يحظى باحترام وتقدير العالم لسياسته ولبلاده ودورها البناء في منطقتها وقارتها والعالم، بالمشاركة في “مؤتمر طوكيو الدولي السابع للتنمية في أفريقيا” (تيكاد 7) الذي يبدأ غدًا بمدينة يوكوهاما ويستمر حتى 30 أغسطس الجارى.
إنجازات الاتحاد الإفريقي تحت الرئاسة المصرية
يمكن تلخيص أبرز تمثلت الإنجازات التى تحققت على أرض الواقع حتى الآن منذ تولى مصر رسائة الاتحاد الإفريقى فيما يلى: إطلاق منطقة التجارة الحرة الأفريقية، تأييد الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة اقتراحا يدين احتلال بريطانيا جزر شاجوس، توقيع اتفاق استضافة الجزائر اتفاق مقر اللجنة الإفريقية للطاقة، عقد مؤتمر وزراء عدل الدول الإفريقية اليوم بالقاهرة بمشاركة 55 دولة، الاتحاد الإفريقي يطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة رأيا استشاريا بشأن حصانات رؤساء الدول، الاتحاد يشارك فى تعديل قواعد المركز الدولى لتسوية نزاعات الاستثمار التابع للبنك الدولى وذلك بمقر البنك فى واشنطن، الاتحاد الإفريقي يبحث تعزيز التعاون مع شبكة المجالس الوطنية لحقوق الإنسان الإفريقية قبل رئاسة مصر له فى نوفمبر، الاتحاد الإفريقى يتعاون مع الصين لايصال الكهرباء لـ 600 مليون إفريقى.
مصر تنجح فى توفير الكفاءات الفنية بإفريقيا
السفير محمد المنيسى، مساعد وزير الخارجية الأسبق أكد أن مصر من خلال رئاستها للاتحاد الأفريقى نجحت عبر سعيها نحو تحقيق تعاون ثنائى أو متعدد لإدخال أنشطة اقتصادية كبيرة داخل القارة الأفريقية وفتح أفق جديدة جادة للتعاون من أجل تحقيق التنمية بالقارة مثلما يتم مع الصين واليابان، خاصة بعدما كانت إفريقيا تعانى من عدم توفر الكفاءات الفنية وهى المشكلة الأبرز التى نجحت مصر فى حلها وحققت كذلك تغييرات كبيرة فى إطار إتجاهات التنمية بالقارة.
ووصف مساعد وزير الخارجية الأسبق مشاركة مصر بقمة التيكاد بالأهم بالنسبة للقارة الإفريقية لارتباطها بمجال التنمية والمناحى الاقتصادية، بالمقارنة بمشاركتها بقمة G7 مجموعة السبع الكبرى التى تتسم بطابع سياسى أكثر. وثمن السفير المنيسى إشادة بيوت المال الأمريكية بالتطورات التى طرأت على الاقتصاد المصرى الأمر الذى يؤكد المكانة التى وصلت اليها مصر.
مصر بوابة إفريقيا للاستثمار
قال النائب ماجد أبو الخير وكيل لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب، إن الرئيس السيسى منذ تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى وهو يخاطب العالم باسم القارة السمراء، ويسعى لتوصيل رسائل مباشرة مفادها أن مصر هى بوابة إفريقيا للاستثمار، ويعقد العديد من اللقاءات مع قادة الدول الكبرى من أجل تذليل العقبات أمام التنمية فى إفريقيا.
وأضاف أبو الخير فى تصريح خاص لـ”بوابة الأهرام” أن مصر تقدم أطروحات لحل مشكلات القارة مثل التصحر وأزمات القارة الغذائية والمشاكل البيئية محاولًا أن تكون على طريق المواجهة لهذه المشكلات، مشيرًا الى أن الفترة القادمة فى حاجة لتبنى العديد من المبادرات فى مجال الاستثمار فى إفريقيا، مع ضرورة توجيه نشاط الشركات العامة والخاصة لفتح آفاق جديدة للاستثمار.
ولفت وكيل لجنة الشئون الإفريقية بمجلس النواب الى الحاجة الماسة الى وجود بنوك مصرية بدول القارة الإفريقية لحل مشكلات التمويل للمشروعات التنموية، مؤكدًا أن الفرص الاستثمارية بالقارة عديدة. وضرب مثالُا على ذلك بمجال السياحة العلاجية الذى نظرًا لظروف البيئة المواتية لتحقيق خطط علاجية يمكن تنفيذها على أرض الواقع بتكلفة مناسبة، مشيرًا الى أن اللجنة تسعى لتنفيذ ذلك عبر تحقيق التكامل بين مؤسسات الدولة فى هذا المجال.
رسائل الرئيس السيسى وتحقيق التكامل
الرئيس السيسى أكد أن عملية التكامل في أفريقيا انطلقت بشكل ملحوظ خلال العقدين الماضيين منذ إنشاء الاتحاد الأفريقى، مضيفا أن تبني أجندة أفريقيا” 2063 ” وإطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، يعدان بمثابة حجز الزاوية الهام للمساعي الأفريقية الرامية إلى تحقيق التكامل الإقليمي والاقتصادي المنشود .
وأكد الرئيس أن الاتحاد الأفريقى نجح على مدى سنوات فى صياغة عدد من الأهداف والتطلعات التى أدرجت في أجندة “2063”، وأولوية مشروعات التنمية بأفريقيا، والتي ستسهم في تحقيق التنمية المستدامة بأفريقيا، من خلال التركيز على تطلعات شعوب تلك القارة نحو الرفاهية والازدهار والتنمية المستدامة .
إفريقيا والتيكاد
تأتى مشاركة مصر بصفتها رئيسًا للاتحاد الإفريقى بقمة “التيكاد ” فى إطار سعيها وشركاء القارة الاستراتيجيين الآخرين في تعزيز الجهود المشتركة لتحقيق الأهداف والتطلعات السابق ذكرها. وتسعى القمة للتركيز على احتياجات وأولويات أفريقيا واستغلال مناطق القوة لدى شركائها.
العلاقات “اليابانية – الأفريقية”
تعود العلاقات اليابانية – الإفريقية إلى عشرينيات القرن الماضي، ففي عام 1928 بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر واليابان، لكن علاقاتها بالقارة الأفريقية عموماً لم تفعّل إلا في نهاية السبعينيات، إذ كانت مقتصرة على إقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الإفريقية المستقلة حديثاً.
وتركز سياسة اليابان تجاه أفريقيا على الشق التنموي، حيث أصبحت اليابان، بوصفها دولة رئيسية مانحة، تؤدّي دوراً مهمّاً في تقديم المساعدات الرسمية للدول الإفريقية من خلال “برنامجٍ المساعدات من أجل دعم التنمية في القارة الإفريقية”، حيث تشير الاحصاءات إلى أن اليابان أصبحت خلال أربعة عقود فقط أحد المصادر الأساسية للمساعدات الخارجية للقارّة الأفريقية، ففي يونيو 2013، تعهدت اليابان للزعماء الأفارقة بدعم القطاعين العام والخاص بقيمة 32 مليار دولار لتعزيز النمو في القارة وتشجيع الشركات اليابانية على الاستثمار هناك في خمس سنوات، وتتضمن الحزمة مساعدات رسمية بقيمة 14 مليار دولار و6.5 مليار دولار دعما في مجال البنية التحتية.
كما التزمت اليابان باستثمار نحو ثلاثين مليار دولار في إفريقيا خلال ثلاث سنوات (2016-2019)، في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص، للعمل على تنفيذ تدابير تركز على تطوير بنية تحتية عالية الجودة، وتعزيز النظم الصحية، وذلك خلال مؤتمر طوكيو الدولي لتنمية أفريقيا (تيكاد) الذي عقد للمرة الأولى على أرض إفريقية في العاصمة الكينية نيروبي، عام 2016.
نشأة “تيكاد”
تم إطلاق “مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية الأفريقية” (تيكاد) عام 1993 بمبادرة من حكومة اليابان، بهدف تعزيز الحوار السياسي رفيع المستوى بين القادة الافارقة وشركائهم في التنمية، وحشد الدعم لصالح مبادرات التنمية الإفريقية، والتركيز العالمى على أهمية القضايا الأفريقية، حيث بدأت فكرة القمة عقب انتهاء الحرب الباردة لحث البلدان المتقدمة على الاهتمام بإفريقيا وتقديم المساعدة لها. وشكل إطلاق مؤتمر (تيكاد) عاملًا محفزًا لإعادة التركيز الدولي على احتياجات التنمية في أفريقيا، وعلى مدى الـ26 عامًا الماضية، تطور مؤتمر (تيكاد) ليصبح حدثاً عالمياً رئيسياً متعدد الأطراف لحشد واستدامة الدعم الدولي لتنمية أفريقيا.
ويشارك فى تنظيم اجتماع مؤتمر (تيكاد) 5 جهات هى: حكومة اليابان، مكتب الأمم المتحدة للمستشار الخاص بشئون أفريقيا (UN-OSAA)، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، مفوضية الاتحاد الأفريقي (AUC)، البنك الدولى (WB).
اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية ودورها فى تحقيق التكامل الاقتصادى
بعد سريان اتفاقية التجارة الحرة بين الدول الأفريقية، أصبح تعزيز التواصل مع القطاع الخاص لتفعيل الاتفاقية أمرا حتميا، وتأكد بالدليل القاطع أن تطوير البنية التحتية أمر لا مفر منه، حيث تعد الاتفاقية من أهم أولويات الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقى التى سعت لتفعيلها وجعلها واقعاً، نظرًا لأنها تمثل علامة فارقة فى مسيرة التكامل الاقتصادى للقارة، وستنشئ أكبر منطقة تجارة حرة فى العالم، وهو ما يمهد الطريق إلى اندماج القارة فى مؤسسات وآليات الاقتصاد العالمى. وتضم منطقة التجارة الحرة 1.7 مليار نسمة، وتعد من أهم المناطق التى أنشئت فى العالم.