جريدة بكره أحلى .. موقع الاخبار المتميز
بقلم
الدكتور جميل محمد
الخبير الاقتصادي
لم تعد الحرب العسكرية هي المصطلح الاكثر شيوعاً في لغة العالم منذ حرب العراق ودعاوى إستخدام القوة لتحقيق مكاسب للامم الصناعية الكبرى فقد بزغ مؤخراً على الساحة مصطلح جديد يعبر عن حرب إقتصادية ضروس تدور رحاها بين قطبين الولايات المتحدة الامريكية والصين لتدفع ثمنها دول العالم وبالاخص الدول النامية ورغم أن الكثيرين يقللون من تأثيرات هذه الحرب التي بدأت في صمت حتى كشفت عن أنيابها لتفرض واقع جديد يعود بالاذهان بالتاريخ عقارب الساعة إلى الخلف عندما فعلت ذلك قبل أربعة عقود مع الدول الصناعية الكبرى وفرضت عليهم شروطها في وقتها .
ولكي نتعرف أكثر على حرب العملات يجدر بنا أنت نتحدث عن طبيعة الخلافات الراهنة التي أججت الصراع الحالي فحرب العملات كانت تظهر على السطح على مدار العقد الاخير إلا أن الصراع الان على أشده في عصر الادارة الامريكية الحالية هذا يعود لاسباب كثيره :
1-تعتبر من أكثر العلاقات تداخلاً وتعقيداً خلال الفترة الراهنية سياسياً وإقتصادياً .
2-اصبحت بكين أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة منذ عام 2015 وبلغ حجم التبادل التجاري بينهما 519 مليار دوىلا أمريكي .
3-بزوغ نجم بكين كقوة صاعدة سياسياً وتشابكها مع الولايات المتحدة الامريكية أدى ألى تعقد الامور .
4-مواطن الخلاف بينهما :
أ-بحر الصين الجنوبي: ـاججت الخلافات بينهما بسبب إصرار الصين على هينتها على نصف مساحة البحر والذي يتحكم في ممر مائي عالمي يتحكم في قرابة 5ترليونات من الدولار فضلاً عن الاحتياطي من الغاز والنفط .
. ب- بحر الصين الشرقي .
ج-شبه الجزيرة الكورية : يعتبر الخلاف حول كوريا الشمالية من ابرز مواطن الخلاف بين الدولتين وإن حرصت الولايات المتحدة الامريكية في أوقات كثيرة على تحييد خلافاتها مع الصين مؤقتاً حتى تعبر أزمة كوريا الشمالية ورغم الاتصالات المتبادلة بينهما طوال الفترة الماضية وحرص الولايات المتحدة الامركية على ذلك ألا أن ترامب أعلن كثيراً عن خيبة أمله بسبب إستمرار وصول النفط لكوريا الشمالية .
د-تايوان : تعتبر محطة هامة من محطات الخلافات المزمنة بين البلدين حيث توترت مؤخراً بشكل أكبر عندما تقدمت الصين بإحتجاج رسمي لدى إقدام واشنطن على بيع طائرات طراز “إف16″ و”إف16ف ” بصفقة 8 مليارات دولارات وتصاعدت البيانات بينهما بشكل خطير وإتهمت الصين واشنطن بالتدخل في شئونها الداخلية والاخلال بمبدأ ” صين 1″
ه-الحرب التجارية : إستمرت الولايات المتحدة في سياستها التجارية وتوجيه ضربات قوية للاتقصاد الصيني على النحو التالي :
1-فرض تعريفة جمركية من جانب واحد .
2-جهود دبلوماسية حثيثة ومستمرة لمنع أعتماد تقنيات صينية مثل “هواوي ج 5″في دول مثل بريطانيا والاتحاد الاوروبي .
3-منع شراء جهات صينية لتقنيات حديثة أوروبية وأمريكية في إطار الامن القومي .
4-تبني الولايات المتحدة الامريكية لتعميم سياستها المتشددة وتبنيها من قبل دول أخرى نحو بكين .
5-عرقلة مبادرة ” الحزام والطريق ” التي تم الاتفاق عليها بين الجانبين في قمة العشرين واستمرار خطاب ترامب شديد اللهجة وإتهام بكين بإستمرار باللعب في عملتها .
6- في أطار حرب الملكية الفكرية في منتصف أغسطس الجاري فتح الرئيس ترامب تحقيقات موسعة بشأن إتهام الصين بنقل تقنيات أمريكية دون مراعاة حقوق الملكية الفكرية الامريكية وتلويحه بإجراء إنتقامي مماثل وفقاً للبند 301 من القانون التجاري الامريكي .
د-التبارز والنزاع التجاري والخلافات حول مباديء حقوق الانسان والحريات تجعل الامور أكثر تعقيداً
إن التأثيرات السلبية التي قد تنعكس على الدول النامية قد تبدو بسيطة وسطحية في ظاهرها لكن باطنها مليء بالعقبات فحرب العملات العالمية هذه سيكون لها تأثيرها علي كل اقتصاديات العالم, مثلما حدث في الازمة المالية العالمية.. فاذا كان يقال ان امريكا عندما تصاب بالبرد يتعرض العالم كله للزكام, فما بالنا بحالة عدم استقرار نقدي متعمد مع سبق الاصرار يصيب عملات الاقتصاديات الكبيرة في العالم مضافاً إلى ذلك
وبالطبع سوف يتفاوت تأثير هذه الحرب علي اقتصاديات العالم.. فسوف يكون التأثير اكبر علي الاقتصاديات التي تعتمد علي التصدير لانجاز نموها الاقتصادي اكثر من تلك التي تعتمد علي الاستهلاك المحلي ولحسن الحظ ان مصر تعتمد علي الاستهلاك المحلي80% في تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفع.. وبالتالي سيكون تأثير حرب العملات علي اقتصادنا اقل من غيرنا..
وقبل أن أختتم مقالي أطرح تساؤلاً أليس من المنطق أن تعد منطقة الشرق الاوسط عدتها لهذه التغيرات المتلاحقة في الاسواق العالميه ؟