الهجرة الكبرى أسرار وأنوار
بقلم : الدكتور حسام خلف الصفيحى
عن أبى موسى الأشعرى-رضى الله عنه-أنه قال:قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-رأيت فى المنام أنى أهاجر من مكة الى أرض بها نخل فذهب وهلى أنها اليمامة أو هجر فأذا هى المدينة (يثرب). اننا اذا ذكرنا الهجرة فلنذكر الايمان القوى والجهاد المرير والكفاح الشاق والصبر الطويل أمام أعداء ألداء وفجرة كفرة أشداء يريدون أن يبقى عهد الشرك وأن يطول ليل الباطل والمسلمون يومئذ قلة فى ضعف ومسكنة وذلة يتخطفهم الناس من حولهم وقد مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين أمنوا معه متى نصر الله؟ فقد مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة زهاء ثلاثة عشرة عاما يدعوا الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ويناله الأذى فى سبيل دعوته وينزل العذاب بالمستضعفين من أصحابه حتى رأى رسول الله-صلى الله عليه وسلم -أن يشير على أصحابة بالهجرة الى بلاد الحبشة لينعموا فى جوها الطلق بالحريات الكاملة حرية العقيدة وحرية الرأى وحرية الاستعلان بشعائر الدين قائلا لهم:(لو خرجتم الى أرض الحبشة فأن بها ملكا لا يظلم عنده أحد وهى أرض صدق حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا مما أنتم فيه) فهاجر جماعة من المسلمين اليها وكان من بينهم عثمان بن عفان وزوحته رقية بنت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وتتابع المسلمون حتى كان جملة من هاجر اليها منهم غير صغارهم ثلاثة وثمانين فأمنهم النجاشى وأكرم وفادتهم. ثم كانت الهجرة الى يثرب حيث استقبلت النبى -صلى الله عليه وسلم-استقبلا عظيما لم تشهد له مثيلا من قبل وسجل أهلها من المروءة والتضحية وانكار الذات أيات رائعة ومفاخر خالدة وضربوا اروع الأمثال فى الدفاع عن العقيدة والوطن بل ان ذكراهم لمدد روحى لا ينضب لكل مجاهد فى سبيل فكرة سامية أو عقيدة حقة أو مفاهيم صحيحة أو مبادئ سليمة واطمأن الأسلام فى وطنه الجديد ونما وترعرع حتى صار شجرة باسقة أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بأذن ربها. لقد كانت الهجرة حدثا تاريخيا من أعظم الأحداث التى شهدتها الأنسانية فهى نموزج حى متجدد على مر العصور قادر على الالهام بأعظم الأعمال مقدم أروع القيم والمثل وأحكام التدابير:التى تكفل نجاح من يلتزمها فهى عمل بطولى فذ. لقد كانت الهجرة بخيرها وأثارها بردا وسلاما على الانسانية أخرجتها من ظلمتها وهدتها من حيرتها وأنقذتها وهدتها ودفعت بها الى طريق الخير والاصلاح أسست بها دولة قوية على مبادئ الأخوة فى الله والتضامن الانسانى العام ثم تتابعت التشريعات الالهية بما يسعد الفرد والجماعة فى علاقتهم بربهم وعلاقة بعضهم ببعض وأخذت على كاهلها تطهير الأرض من عبادة غير الله وأصبح سلطان الارض فى قبضة المؤمنين .