نبض تفكيري

بقلم : د. نهلة احمد درويش

وقف نبض تفكيري، قلمي لم يعد يطاوعني عن البوح بما أشعر به، وكأن بداخلي كائن يختنق، انه قلمي المبدع يحتضر، يأبى التأقلم مع هذا الواقع، رافض الخضوع لقوانين التعامل المادي، المصلحة، المنفعة، أساليب الاستغلال البحت، والتعامل فقط بصيغة المقابل المساوي لنوع الخدمة، لقد مل قلمي آلية الخدمات التى أصبحنا نعيش في ظلها، ريبوتات تؤدي مجموعة وظائف، ضعفت قيمة التواد والتراحم، بهت معنى الإنسانية، التعامل والتواصل أصبح من خلال شاشات صغيرة مضيئة، حتي عندما يتعرض الفرد لإي حادث عارض، تتسارع الأيدي للضغط علئ هذه الشاشات لتسجيل الواقعة، دون الاهتمام باستحضار الهمة لتقديم المساعدة، توارت قيم المشاركة في الحدث أو المساهمة في حل المشكلة، لا يتصور احد ان عليه أدنى درجة من المسؤلية، (لا، لا، هذا ليس من شأني)، هذا هو المعتقد السائد. نعم قلمي لم يعد نابضاً وسط هذا النمط من جفاف المشاعر والعواطف، وندرة التحيات المحبة المخلصة، دون مصلحة أو رياء، دون تلميحات وإيماءات، دون انتقادات على اتفه الأشياء. أصبحت اللغة السائدة هي الشكوى والتذمر من كل شيء، شحنات سلبية متتالية نتلقاها يوميا، شئنا أم أبينا، فلقد فرضت علينا هذه الشحنات السلبية تتردد على لسان كل فرد، العامل والموظف والسائقين، كل الفئات وكل الأشخاص صغير أو كبير، الجميع يعاني من مشقة الحياة وسوداوية الرؤية، الجميع يردد “ما لنا طاقة بهذه الحياة”. ندر وجود القلب الخالي، والفكر الصافي من التشويش وتضارب الرؤى. وتعب قلمي من البحث عن رؤى تعبر بصدق وإخلاص عما يحدث حولنا، تعب قلمي من البحث عن الحقيقة.. أو ربما أننا نهرب من اكتشاف الحقيقة وتخاف من مواجهة واقعنا، نخاف اكتشاف ما بداخلنا من خلال التعمق والإبحار فيها. نخاف من البوح عما نشعر به.. الخوف أصبح هو مشكلة المشاكل، الخوف من المرض، الخوف من فقد عزيز، الخوف من المستقبل، الخوف من الناس، الخوف من الحاجة والعوز والمرض، الخوف من الضغوط الاقتصادية، الخوف عن البوح والتعبير عن تفاصيل حياتنا دون الخجل من الناس.. السؤال هنا، هل سيستطيع  قلمي وأقلام كثيرة عبور تلك المرحلة الخانقة والتنفس بحرية لاستنشاق الهواء الطلق. هل سيتخطى هذه الأزمة وعودة نبضه الحيوي إليه؟.

بكره أحلى

رئيس مجلس الادارة ورئيس التحرير : وجدى وزيرى

تعليق واحد

  1. مقال متميز دكتورة نهلة وكلمات تعبر عن واقعنا المرير الذي اختفت فيه روح المودة والاخوة وصلة الرحم والصداقة الحقيقية الخالية من المصالح ، حتي الحب اصبحت بعض المشاعر زائفة متبدلة حسب الظروف .

    سلمت اناملك ودمتي بخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

Demo Title

Demo Description


Introducing your First Popup.
Customize text and design to perfectly suit your needs and preferences.

This will close in 20 seconds

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock